فرع : في الكتاب إذا وعليه الكفارة عن كل نفس والأدب ؛ لقوله - عليه السلام - في الموطأ عجز المسافر عن القتال حتى مات ، فعلى صاحب البئر ديته . قال لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ ابن يونس : لم ير ابن القاسم ، بخلاف الذي انهارت بئره مع أن النفس أعظم ، قال : والأولى في الموضعين الثمن جمعا بين المصالح ، وقاله أخذ الماء بغير ثمن أشهب في المنهار والبئر ، قال بعض القرويين : إنما كانت الدية على عواقل أرباب الماء ; لأنهم تأولوا أن لهم منع مائهم ; لأنه أمر يخفى على الناس ، فلم يتحقق العدوان وإلا أمكن أن يقتلوهم .
فرع : قال ابن يونس : إذا [ ص: 166 ] إن شئت ; لأنه مغرر بخلاف الحارث على البئر فتهور له فضل مائك ، فإن لم يكن فضل فلا شيء له ، واختلف في قوله عليه السلام حرث جارك على غير ماء فلك منعه فضل ماء بئرك إلا بثمن ؛ قيل : هو إذا انهارت بئر جارك كما تقدم ، وقيل : البئر بين الشريكين يسقي هذا يوما فيسقي أحدهما في بعض يومه نخله ، فإنه يعطي البقية لشريكه ولا يمنعه ما لا ينتفع به ، وليس للذي انهارت بئره تأخير الإصلاح اتكالا عليك ، فإن فعل لم يلزمك دفعه ، وإن كان نخله لا يملك ثمرة لا يلزمك أيضا ، فيكون لوجوب الدفع أربعة شروط : أن يبني على بئر ، وأن يخشى الهلاك على تقدير عدم الدفع ، وأن يفضل عنك ، وأن يشرع في عمارة بئره ، وحكى لا يمنع فضل الماء البوني في شرح الموطأ عن مالك قولين في على الذي انهارت بئره كالمضطر للطعام . وجوب الثمن للماء
فرع : قال الآبار ثلاث : بئر ماشية وشفة وزرع ، وصاحب الجميع أحق بحاجته ، ثم إن جعل الفضل صدقة جعلت في تلك الجهة ، وإلا كان في منعه المحتاج قولان ؛ نظرا لمالك العادة ، أو لأن الأصل عدم التبرع ، فإن ، بدئ بأحوجهما فإن استويا اقتسما ، وإن جعل الفضل لأهل الماشية ، بدئ بها فإن فضل شيء أخذه أهل الزرع ، وقال جعله للصدقة فاحتاج إليه رجل لزرعه وآخر لماشيته عبد الملك في بئر الماشية : إن تساووا فالقرعة ، قال : وأرى أن يقسم بينهم ، وكذلك في الزرع ويدفع كل نصف ضرورته ، فإن كان لأحدهما مائة شاة ولآخر مائتان اقتسماه نصفين ; لأن الماء لو سلم لصاحب المائتين هلكت مائة فالمائة [ ص: 167 ] هالكة بكل حال وكذلك الزرع ; لأن نصف الزرع للكثير هالك جزؤها وإن كان يكفي زرع أحدهما ونصف الآخر اقتسماه أثلاثا ، وإذا لم يكن فضل الماء على وجه الصدقة وشأنهم بيع المياه فلربه منعه وبيعه ، إلا إن انهارت البئر فيقضى لربها بالثمن ، فإن لم تكن العادة البيع ففي منعه لمالك قولان وعدم المنع في الفضل أحسن تكثيرا للمعروف ، إلا أن يخشى من طول المدة ادعاء الملكية ، ويقدم المسافرون على الماشية إن كانوا على ظهر ; لأن الماء يخلف بعد ذلك ، فإن كانوا نازلين قدمت الماشية إن أضر بها تبدئة المسافرين لقدرة الآدمي على التحيل بخلافها ، وإن كان لا فضل فيه منع المسافرون منه وإن أضر شربهم بالزرع منعوا ; لأن الأصل استحقاق البئر للماشية والزرع ، وإنما لغيرهما الفضل ، فإن خيف على المسافرين من ردهم إلى غيره لم يمنعوا إن فضل عن شرب أهل الموضع ، وإنما يحتاجونه للماشية أو الزرع ونفاسة الآدمي عند تعين الهلاك ، فإن نقصت الماشية أو الزرع ضمنوا النقص كضمان المضطر للطعام ، وإن كان فيه فضل وصرف المسافرون إلى غيره هلكوا ، لهم أخذه بالثمن إن كان شأنها البيع وإن كرهوا وإن لم يكن معهم ثمن وهم فقراء ، اختلف هل يتبعوا إذا أيسروا قياسا على من وجبت مواساته لفقره ، وإن كانوا مياسير في بلادهم اتبعوا ، فإن امتنعوا من دفعه أجاز ابن القاسم قتالهم لمنعهم الواجب ، وكرهه أشهب ; لأن أحد العملين لازم فلا يشرع القتال كالصيال .
فرع : في الكتاب الناس أولى بفضل بئر الماشية ، [ ص: 168 ] لأن القصد فيه للتمليك آكد . وصاحب بئر الزرع أولى بفضله
فرع : في الكتاب يجوز ، شراء شرب يوم أو يومين من عين أو بئر دون الأصل ; لأنه معلوم عادة ولا شفعة في ذلك إذا كانت الأرض قد قسمت ، فإن لم تقسم وباع أحدهما نصيبه من الماء دون الأرض أو من الأرض دون الماء ، فلا شفعة ، وإنما وشراء أصل شرب يوما أو يومين من النهر ; لأنه قد يجري مجرى المكيل والموزون لا شفعة فيه . الشفعة في الماء إذا لم تقسم الأرض تبعا لها
فائدة : قال صاحب النكت : يروى نقع بئر ورهو بئر وهو الماء الواقف الذي لا يسقى عليه أو يسقى وفيه فضل ، ومنه قوله تعالى : ( واترك البحر رهوا ) . والماشية إذ لم تشرب الماء لا تأكل الكلأ ، فصار منع الماء منع الكلأ ، قال صاحب التنبيهات : نقع البئر - بالقاف الساكنة بعد النون المفتوحة - هو المعروف ، وروي بالفاء وهو تصحيف ، وهو كل ما استقر فيها ، وقيل : أصل مائها ، وقيل : الجار تنهار بئره ولا يمنعه فضله لإحياء زرعه ، وقيل : البئر بين الشريكين يبقى من نصيبه شيء ليس له منعه من شريكه ، وقيل : الموضع الذي يلقى فيه ما يكنس من البئر ، وقيل : مخرج سيل الماء ، والثلاثة الأول أصح ; لقوله في الحديث الآخر يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ ، وحمل بعض العلماء هذه الأحاديث على منع لا على العموم ونحوه في العتبية ، والكلأ مقصور مهموز مفتوح الكاف : العشب وما تنبته الأرض مما تأكله المواشي . بيع الماء
[ ص: 169 ] فرع : في الكتاب لك أرض بين أرضه ، لك من أرضه لأرضه ، وكذلك لو كان منع جري الماء في أرضك ; لأنك مالك لمنافع أرضك فلا يتصرف فيها إلا برضاك . قال له مجرى ماء في أرضك فأراد تحويله إلى موضع أقرب ابن يونس : وعن مالك له أن يجري في أرضك ; لأنه مروي عن عمر - رضي الله عنه - ، وعلى هذا يجوز له التحويل لمكان أقرب ، قال اللخمي : إذا أراد تحويله لموضع لا يضر أو أردت ذلك فعن مالك روايتان في المنع ، وعنه جواز التحويل دون إنشاء المجرى حذرا من التحويل ، وعن أشهب إن أحييت بعده بين بئره وأرضه له إجراء الماء في أرضك ; لأنك منعته حقه وإلا فلا .
فرع : في الكتاب من مكارم الأخلاق ، ولا تبيع سمكة سنة ; لأنه يقل ويكثر ، ولك بيع الخصب من أرضك ممن يرعاه عامة ذلك بعد نباته ، ولا تبيعه عامين للغرر . قال لا يمنع من الصيد في البئر التي في أرضك ابن يونس : قال : لك منع الصيد ; لأنه في ملكك وحوزك ، وقال سحنون أشهب : إن طرحتها فولدت فلك منعها ; لأنها من مالك وإلا فلا ، قال التونسي : لو ; لأنه منع نفسه منافعه ، وقف غديرا في أرضه للحرث فهو أحق به يجوز وسحنون مطلقا ولا يراعى أرضه ; لأنها في حوزه وملكه ، قال بيع حيتان الغدر عبد الملك [ ص: 170 ] في مصائد الحيتان فيما هو في أرضهم ، وإلا فلا ، ولو عملوا مصائد من خشب ليس لهم الحجر على الناس ، لكن يبدءون ثم الناس بعدهم ، قال صاحب البيان : ليس لأحد الجماعة على النهر أن ، وليس هذا مما يستحق بالتقدم ; لأنه متكرر ، فإن كان النصب إذا قلع ليس له قيمة خيروا بين أمره بالقلع والشركة فيه ، وإلا خيروا بين إعطائه قيمته مقلوعا أو الشركة فيه . ينصب ما يمنع الحيتان عن غيره
فرع : قال صاحب البيان : إذا كان ، قال في القرية غامر فأرادوا خرقه وينتفعون به ابن القاسم : يقسمونه على قدر سهامهم إن ادعوه لأصل القرية لتتبع الأجزاء كما تبعت الجملة الجملة ، وعلى عدد الرءوس إن ادعاه كل واحد لنفسه بعد أيمانهم ، كسلعة ادعاه اثنان وكساحة الدار ذات البيوت ، هذا إذا كان داخل القرية ، ولا يجوز للإمام إقطاعه لتعلق حقهم به ، قال أصبغ : هذا إذا اجتمع جلهم ، أو من عليه عماد أمرهم ، والمشهور كفاية طلب بعضهم ، كالعرصة المشتركة ، وإن كان خارج القرية ، فعن مالك وابن القاسم هو كالذي داخلها ، وقال أشهب : لا يقسم وإن اتفقوا لما فيه من الرفق لعامة المسلمين بالاحتطاب والرعي ، إلا أن يثبت أنه من خير قربتهم ، فيقسم على ما تقدم ، فإن كان بين قريتين شرقية وغربية أو شمالية وجنوبية ، جرى على الخلاف في جواز قسمته ، غير أنه لا يقسم بالسهم بل يعدل بالقيمة ويجعل نصيب كل قرية مما يليها نفيا للضرر ، وبدخول بعضهم على بعض ، قال ابن حبيب الشعارى : المتوسطة بين [ ص: 171 ] ، يقطعها الإمام لتعلق حقوقهم بها إنما الموات العفاء وما لا يتناوله مواشيه ، وجوز القرى لا تجري مجرى الموات الفضل ، فإن كان الغامر حذاء القريتين ليس بينهما ، فعلى الخلاف في جواز القسمة ، وإذا قلنا بها فلا يقسم بالسهم بل يعدل لكل قرية ما هو جارها ولا خلاف أن الفحص العظيم يرعى فيه الناس ويحتطبون لا يقسمه أهل المنازل المحيطة به ولا أن يرتدوا إلى غامرهم منه فيملكوه ; لضرر ذلك بالناس ، وإنما الخلاف فيما شأنه أن يكون من حيز المنازل . وفي النوادر إقطاع ما قرب من القرى ، قال قرية فيها ذميون ومسلمون ولها بور : إن كانت عنوة فالبور للمسلمين ; لأن أهل الذمة لا حق لهم في العنوة . قال ابن كنانة : هذا في بور ملكه أهل العنوة وحموه ، قال سحنون : فإن كانوا صلحاء فالبور لأهل الذمة ، إلا أن يحوزه المسلمون عنهم الزمان الطويل ; لأن عقدة الصلح يتناول الأرض وحريمها ، فإن قال أهل الذمة : نحن أحق بالشعراء لأنا على صلح والمسلمون على عنوة قال ابن كنانة عبد الملك لأهل الصلح : مع الشعراء ما يليهم بقدر ملكهم مع القرية ، ولا شيء لهم فيما بعد منها ، وما يلي المسلمون فلجماعتهم إذا لم يوقفوه - كما فعل عمر - رضي الله عنه - لمصر والعراق بقدر ملكهم من القرية مما قرب ; لأنه من حقوق القرى ، وما بعد موات والصلح والعنوة إنما يدخلان في المعمور وحريمه ، فإن أو بعضها ، قسمت على عددهم من الذكر والأنثى والصغير والكبير ممن بلغ أن يكون له كسب لتساوي دعاويهم ، قال جهلت القرية أصلح أم عنوة وفيها المسلم والذمي والوارث وغيره - وكل يدعي الشعراء لنفسه ابن القاسم : إذا ، فالشعراء للقرية ، ولا أقسم له منها شيئا ; لأنها من حريم القرية وقد أعرض عن القرية فبطل حقه من حريمها . خرج أحد أهل القرية فبنى في أرض خارجها [ ص: 172 ] بأميال وسكن ، وبين موضعه وبين القرية شعراء كان هو وأهل القرية يرعون فيها فتشاحوا
فرع : قال صاحب النوادر : قال ابن القاسم : ، فلا حق لصاحب الخربة في الشعراء ، ولو كانت مسكونة منذ دخل العرب فلها حق في الشعراء ; لأن العمارة هي التي توجب استحقاق الغريم ، وما عمر رب الخربة في الشعراء وهو يرى أنه له حق ، فله من أهل القرى قيمة عمارته إن كانت لم تعمر منذ دخل العرب ، وقال خربة بين القرى لم تعمر منذ دخل العرب ولها بياض نحو ثلاثين إردبا وبئر ، فعمرها صاحبها أو ابتاعها منه وطال انتفاعهم جميعا بشعراء بين الخربة والقرى نحو ثلاثين سنة ثم تشاحوا ابن نافع : الخربة وغيرها سواء في الشعراء ; لأنه لا يوجب في الشعراء حقا بجوار ، وكذلك الكنائس العامرة ، والمحارس والصيد لا حق لها في الشعراء ، ولكن تترك للخرائب وبجميع ذلك من الشعراء طرقها وأفنيتها ومداخلها ومخارجها ، إلا أن تقوم بينة أن لها من الشعراء شيئا ; لأن هذه المواضع لم توضع للسكنى بخلاف القرى ، فلو ، كما لو أقطع عمر أهل الخرائب خرائبهم حتى صارت قرى قبل قسمة الشعراء ، فلهم مقاسمة القرى فيها إذا جاورها إلا أن يكون فيها النفر اليسير فلا يقسم لهم إلا الاستطراق قاله : الإمام في حواشي الشعراء مواتا ، فعمر قرية فله نصيبه من الشعراء ابن القاسم [ ص: 173 ] وسواها ابن نافع بالقرى في القسمة .
فرع : قال : قال عبد الملك : يعطي للخربة حقها ; لأن مسلكه انتقل إليها على صورته في الحقوق ، بخلاف الخربة التي لا يعرف لها في الإسلام عمارة ، ولو قامت بينة أن هذه الخربة انجلى عنها أهلها كان لها حق . ذمي له قرية وخربة باعهما من رجلين فتنازعا الشعراء التي بينهما
فرع : قال قال عبد الملك فللمشتري التمسك بالخربة بقسطها من الثمن ويرجع بالفاضل وله رد الجميع لدخول العيب عليه وله أخذ عمارته فيما قطع منها فإن بنى أو غرس فيها فله قيمة ذلك . اشترى خربة واشترط غامرها فبناه وقطع شجره فظن أهل القرية أنه استحق ذلك بالإحياء ثم تبين أنه حق لهم
فرع : قال : قال عبد الملك : من نواحيها كلها لئلا يتطرق على ملكه الطرق ، فإن كان يدخل إليها من غير أرضه فلا ; لعدم الضرر والمروج والأحمية والأدوية في القرى كالشعراء إذا أحاطت أرضه بذلك مع كل جانب . قرية لها شعراء وأحاطت أرض بعضهم ببعض الشعراء فصار في وسط الأرض ، هو أحق بما أحاط به في أرضه
فائدة : الغامر بالغين المعجمة ضد العامر بالعين المهملة كالصالح والطالح .
فرع : قال صاحب البيان : إذا فهو كمن [ ص: 174 ] حاز مال غيره وهو حاضر غير أن مدة الحيازة هاهنا أطول مما يعتذر به من افتراق سهامهم وقلة حق كل واحد منهم ، ودون مدة الحيازة على الأقارب والأصهار ، وهذا إن ادعى شراء ذلك منهم أو هبة ، وإلا فليس ذلك له على أصل عمر في غامر القرية غير أهلها بحضورهم ابن القاسم إن عامر القرية لأهل القرية ، وعلى قول ابن وهب وغيره في أنه لا يكون لهم ولا بقسمه إلا أن يثبت أنه لهم فما عمره له ، وإذا أخرجوه هل له قيمة بنائه منقوضا أو قائما وهو الأنظر إن قاموا بحدثان العمارة .