الباب الثالث : في أحكامه .
وهو لما تقدم من الأحاديث ، وينبغي أن يخفف شروطه ، وأن يضيق على متناوله بكثرتها ، فإنه وسيلة إلى أكل الحرام بمخالفتها وتسليمها من باب الإحسان ، فيكون أبلغ في الأجر ، ولا يضيق في ذلك ما يخيل من التهمة ، وقد تقدم الحديث في توسعة من أحسن أبواب القرب عمر - رضي الله عنه - في وقفه .
فرع
لزوم من غير حكم الحاكم ، وقاله ( ش ) وحكمه وأحمد ، وقال ( ح ) : غير صحيح ولا يلزم في حال الحياة وهو ملكه يورث عنه ، إلا أن يحكم حاكم بصحته ، أو يعلقه على موته فيقول إذا مات : فداري وقف على كذا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " " ، يروى " صدقة " بالنصب ، وتقديره : لا نورث ، كل شيء تركناه صدقة ، فيدل على أن ما تركه غيرهم صدقة يورث ، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة " ، يشير إلى آية المواريث ; ولأن لا حبس بعد سورة النساء وقف بستانا على الفقراء فشكاه أبواه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقالا : ما لنا غيره فرد غلته عليهما ، فلما ماتا ذكر ذلك عبد الله بن زيد عبد الله له فجعله له ولم يرده وقفا ، وقال شريح : جاء رسول الله بإطلاق الحبس ، [ ص: 323 ] ويروى : ببيع الحبس ، ومثل هذا لا يقال إلا عن توقيف ; ولأنه لو قال حوانيت البيع في ملكي لم يورث ، وكذلك الوقف إلى التصرف أعظم ، وبالقياس على الوقف على نفسه .
والجواب عن الأول : أنه روي بالرفع وتقديره : الذي تركناه صدقة ، وقد احتج به ، فلو صح ما ذكرتم لجاوبته الصديق فاطمة - رضي الله عنها - والصحابة ، فإن الذي ترك غير صدقة ينبغي أن يورث ، فلا يدل على عدم الميراث ، بل عليه بالمفهوم ، ولما حسن منه الاحتجاج وأنه عن أفصح الناس ، وعن الثاني أن المراد الحبس المسقط للمواريث ؛ وهو ما زاد على الثلث ، فإن الفرائض قدرت بعد الوصية بالثلث وبعد الديون ، وعن الثالث أنه كان لهما يتصرف فيه بالحبس من غير أمرهما ، وذلك باطل إجماعا ، ولولا أنه لهما لما ورثه عنهما ، وعن الرابع : أن مراده ما كانت الجاهلية تحبسه بغير إذن الله تعالى كالبحيرة والسائبة ، وعن الخامس : أنه إن أراد الوقف كان وقفا ومنعنا الحكم ، وإلا فهو إثبات حكم المنع بدون سبب ، وفي صور لا النزاع لسببه فظهر الفرق ، وعن السادس : أن الثلث ثابت له قبل الوقف ، وتحصيل الحاصل محال ، ومن يملك العين والمنفعة لا يتمكن من تمكين نفسه بسبب آخر ، كما يتعذر عليه أن يهب نفسه ، بخلاف الغير ; لأن تحديد الاختصاص لم يكن ، ولا ما يقوم مقامه ، لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر - رضي الله عنه - في الحديث المتقدم : " " ، فدل على أن الأصل يكون محبوسا ممنوعا بالعقد من غير حكم حاكم وأنه يتعذر الرجوع فيه ; ولأنه كتب فيه : صدقة محرمة لا تباع ولا توهب ولا تورث ، وذلك لا يكون إلا بأمره ; لأنه المشير في القضية والمدبر والمدبر لها ، وثانيها إجماع الصحابة - رضوان الله عليهم - ، قال حبس الأصل وسبل الثمرة : لم يكن أحد من الصحابة - رضوان الله عليهم - له مقدرة إلا وقف وقفا ، وكتبوا في ذلك كتبا ومنعوا فيها من البيع والهبة وأوقافهم مشهورة بالحرمين بشروطها وأحوالها ، [ ص: 324 ] ينقلها ينقلها خلفهم عن سلفهم ، فهم بين واقف وموافق فكان إجماعا ، ولذلك رجع أصحاب ( ح ) عن مذهبه في هذه المسألة ، لما لم يمكنهم الطعن الطعن في هذا النقل ، وبه احتج جابر بن عبد الله مالك على أبي يوسف عند الرشيد ، فرجع أبو يوسف لمالك ، وبالقياس على المسجد والمقبرة ، فإنه وافق فيهما ، وقياسا لما يقع في الحياة على ما يوصى به بعد الموت لتسوية بين الحالين ، كالعتق .
فرع
قال اللخمي : خمسة أقسام : يرجع ملكا في وجهين ، واختلف في ثلاثة ، فقوله على هؤلاء النفر أو العشرة العشرة وضرب أجلا أو حياته لم ترجع ملكا اتفاقا في هذين ; لأنه إسكان بلفظ التحبيس ، واختلف إذا لم يسم أجلا ولا حياة ، بل قال حبسا صدقة لا تباع ولا تورث ، فعنه يكون على مراجع الأحباس نظرا للفظ الحبس ، وعنه يرجع ملكا لقرينة التعيين الدالة على العمرى ، وقال الحبس على المعين عبد الملك : إذا حبس على مخصوصين فهو عمرى ، وإن سماه صدقة نظرا لقرينة التعيين قال ابن وهب : إذا حبس على رجل وقال لا يباع ولا يوهب ، ثم بدا له فقال هو صدقة عليه يصنع ما شاء من بيع وغيره ويلغى قوله لا يباع ولا يوهب ; لأنه لا يجوز حمله على أنه لا يباع ولا يوهب حتى يستوفي هو المنفعة ، فلا يثبت الحبس بالشرك ، وقال محمد : إذا أوصى بثلث ماله لفلان وعقبه تجر فيه وله ربحه وعليه خسارته ويضمنه ، فإن ولد له دخل معه ، فإن انقرضوا والآخر امرأة أخذته بالميراث لحمله على الملك ، ولو ذكر العقب ; لأن الأصل الهبة والإذن دون الوقف ، فللأول هبة المنفعة وللآخر الرقبة ، وقال مالك فيمن حبس على ولده ولا ولد له : له أن يبيع لعدم الموقوف عليه ، وقال ابن القاسم : لا يبيع إلا أن ييئس من الولد ، ولو حبس على ولده ثم في سبيل الله تعالى فلم يولد له ؛ له أن يبيع ; لأن القصد به الولد ، وإنما ذكر السبيل مرجعه ، وقال عبد الملك حبس ، فإن قال على زيد وعقبه ، ثم على عمرو بتلا فمات الذي بتل ، أي : قبل ، ثم انقرض زيد وعقبه ، رجعت ميراثا بين ورثة عمرو [ ص: 325 ] يوم مات ، قال ابن يونس : إذا حبس على ولده ثم على السبيل ، قال محمد : لا يبيع حتى ييئس من الولد ، وقال عبد الملك : هو حبس يخرج من يده إلى يد ثقة ، فإن مات قبل أن يولد له رجع إلى أولى الناس به يوم حبس ، وإن أوصى بثلث ماله لعقبي فلان فلم يولد له ولد ، قال ابن القاسم : إن علم بعدم الولد انتظر وإلا بطلت الوصية ، وقال أشهب : إن مات الموصي قبل وجود ولد ، أو حمل بطلت .
فرع
قال ابن يونس : قال مالك إذا حبس على ولده وقال إن أحبوا ، أو أجمع ملاؤهم على البيع باعوا ، واقتسموا الثمن بالسوية هم وأبناؤهم ، فلو هلكوا إلا واحدا له البيع ، قال ابن القاسم : ولا حق لغيرهم من الورثة ; لأنه بتلها لبنيه خاصة ، وإذا قال في حبس إن أحبوا باعوا فللغرماء أن يبيعوا في ديونهم ; لأنه إنما نقلها لهم بهذه الصيغة .
فرع
قال : قال محمد : داري على عقبي فلان وهي للآخر ، أو على الآخر منهم فهي للآخر منهم مسلمة ، وقيل ذلك حبس ، فإن كان آخرهم امرأة لها البيع ، أو رجل يرجى له عقب أوقفت عليه ، فإن مات ولم يعقب يعقب ؛ ورثها ورثته ، وإن تصرفوا وجعلها للآخر فاجتمع الأبعد والأقرب على بيعها ، ليس لهم ذلك لاحتمال كون غيرهم الآخر إلا أن ينقرضوا كلهم ، فلو قال عبدي حبس عليكما هو للآخر ملك إلا أن يقول عليكما حياتكما ، وهو للآخر منكما فهو حبس على الآخر حياته ، ولو قال : أمتي صدقة حبس على أمه وأخته لا تباع ولا تورث ، وأيهما مات فهي للآخر منهما ، فإن عينها للآخرة منهما تصنع ما شاءت من البيع وغيره ، ويبطل حبسها ولم يرها مثل الدور ، ولاحظ معنى الثمن كالعلف في الحيوان دون الرباع ; لأنه ينقل الرقيق إلى ما هو أفضل له وينقله [ ص: 326 ] إلى ما يمكن معه العتق ، وأما الرباع فلا يجوز أن يبتل بعد التحبيس ; لأنه مخالفة للوقف من غير مصلحة إلا أن يشترط أن مرجعها إليه ، قال أصبغ : إذا حبس داره على رجل ، وقال : لا تباع ولا توهب ثم بدا له أن يبتلها له ، وقال : هي عليك صدقة ، فله أن يصنع ما شاء ، قال أو لا ، حبس عليك حياتك أم لا ، وقيل بل يتخرج على قول مالك في الحبس على معين ، هل يرجع ملكا أم لا ؟ فعلى أنه يرجع حبسا يمتنع أن يملكها له لتعلق حق غيره بها .
فرع
في الجواهر : لو بطل شرطه ولزم الوقف ; لأن الأصل في العقود اللزوم . شرط في الوقف الخيار في الرجوع
فرع
قال : لا يشترط التنجيز ، بل يجوز إن جاء رأس الشهر وقفت ، يصح إن بقيت العين لذلك الوقت ، ومنع ( ش ) وأحمد التعليق على الشرط قياسا على البيع بجامع نقل الملك ، لنا القياس على العتق ، وهو أولى من قياسهما ; لأنه معروف بغير عوض ، فهو أشبه بالعتق وأخص وأخص به من البيع .
فرع
قال : لا يشترط ، بل لو قال وقفت ولم يعين مصرفا صح وصرف للفقراء ؛ قاله إعلام المصرف مالك وأحمد قياسا على الأضحية والوصية ، وقال القاضي أبو محمد : يصرف في وجوه الخير والبر .
فرع
قال : ويجب اتباع شروط الوقف ، وقاله ( ش ) وأحمد ، فلو شرط مدرسة ، أو أصحاب مذهب معين ، أو قوما مخصوصين لزم ; لأنه ماله ولم يأذن في صرفه إلا [ ص: 327 ] على وجه مخصوص . والأصل في الأموال العصمة ، ولو شرط أن لا يؤاجر مطلقا ، أو إلا سنة بسنة ، أو يوما بيوم صح واتبع الشرط .
فرع
قال : لو قال على زيد وعمرو ثم على المساكين بعدهما بعدهما فمات أحدهما ، فإن كان ينقسم كغلة دار ، أو غلة عبد ، أو ثمرة ، فحصته بعد موته للمساكين ، أو لا ينقسم كعبد يخدم ودابة تركب فهل هو كالذي ينقسم لتناهي الاستحقاق في حق الميت ؟ ، أو ترجع حصته للحي منهما ; لأن قرينة تعذر القسمة تقتضي أن قوله بعدهما - أي : بعد الجميع لا بعد كل واحد منهما - روايتان ؛ فإذا انقرضا صار للمساكين الجميع .
فرع
قال ابن يونس : إذا حبس البقر ليقسم لبنها فما ولدت من من الإناث حبس معها ، أو من الذكور حبست لنزوها ; لأنها نشأت عن عين موقوفة فتتبع أصلها كتبع ولد المكاتب والمدبر لأصوله ، ويباع الفضل من الذكور لتعذر النفع به كالفرس الوقف إذا هرم فيشترى به إناث ، وكذلك ما كبر وانقطع لبنه .
فرع
في الجواهر : تأثير الوقف بطلان اختصاص الملك بالمنفعة ونقلها للموقوف عليه وثبات أهلية التصرف في الرقبة وبالإتلاف والنقل للغير والرقبة على ملك الواقف ، وقال ( ش ) وأحمد يبطل ملك الواقف ، ثم اختلفا فقال ( ش ) في مشهوره : ينقله ينقله لله تعالى ; لأنه قربة كالعتق ، وقال أحمد ينقله ينقله للموقوف كالهبة .
قاعدة : التصرفات تنقسم إلى النقل والإسقاط ؛ فالأول كالبيع والهبة والوصية ، فإن الملك انتقل للثاني ، والإسقاط كالطلاق والعتق ، فإن العصمة [ ص: 328 ] وهي التمكين من الوطء والملك في الرقيق لم ينتقل للمطلق والمعتق ، قال بعض العلماء : ومنه أوراق الرسائل ، قال : ظاهر حال المرسل أنه أعرض عن ملكه في الورقة كما يعرض عن العهدة من البر أو الزبيب إذا وقعت منه ولم يخطر له أن يملكها المرسل إليه ، بل مقصده من المرسل إليه أن يقف على ما تساقط إذا تقررت القاعدة ، فحكى الاجتماع في المساجد أن وقفها إسقاط كالعتق ، فإن الجماعات لا تقام في المملوكات ، واختلف العلماء في غيرها كما تقدم .
قاعدة : إذا ثبت الملك في عين فالأصل استصحابه بحسب الإمكان ، وإذا اقتضى سبب نقل ملك أو إسقاطه وأمكن قصر قصر ذلك على أدنى الرتب لا نرقيه إلى أعلاها ، ولهذه القاعدة قلنا أن الاضطرار يوجب نقل الملك من المتيسر إلى المضطر إليه ، ولكن يمكن قصر ذلك على المرتبة الدنيا بأن يكون بالثمن ، ولا حاجة إلى المرتبة العليا ؛ وهي النقل بغير ثمن ، كذلك ها هنا الوقف يقتضي الإسقاط ، فاقتصر بأنه على المرتبة الدنيا وهي المنافع دون الرقبة توفية بالسبب والقاعدة معا ، ويتخرج على هذه القاعدة وجوب الزكاة في النخل الموقوفة ، وقد تقدم في الزكاة .
فرع
قال : إذا حبس الفرس أو التيس للضراب فانقطع ذلك منه وكبر ، قال ابن القاسم : في الكتاب يباع صونا لماليته عن الضياع ، وقال عبد الملك : لا يباع إلا أن يشترط ذلك في الحبس ; لأن بيع الحبس حرام .
[ ص: 329 ] فرع
قال : الولاية فيه لمن شرطه الحاكم ، فإن لم يول ولاه الحاكم ضبطا لمصلحة الوقف ولا يتولاه هو بنفسه ; لأنه مناف للحوز ، قال ( ش ) و ( ح ) : يجوز أن يشترطه لنفسه ; لأنه ماله يخرجه من يده كيف يشاء ، فإن لم يشترط فالحاكم ، وقال أحمد : له أن يشترطه لنفسه ; لأن الحوز عندهما ليس شرطا ، فإن لم يشترطه قال أحمد للموقوف عليه ؛ كان عدلا أم لا ; لأنه ملكه إذا كان معينا وإلا فالحاكم ، والعدالة شرط في المباشر حينئذ . لنا أن الحوز شرط كما تقدم والنظر لنفسه ، وإن شرط ذلك لنفسه في الحبس فكذلك ؛ قاله ابن القاسم وأشهب ، فإن جعله بيد غيره يجوز له ويجمع غلته ويدفعها للواقف يفرقها ؛ أجازه ابن عبد الحكم ومنعه ابن القاسم لبقاء تصرفه ، ثم يشترط في المتولي الأمانة والكفاية ، وتتولى العمارة والإجارة ، وتحصيل الربع الريع وصرفه بعد إصلاح ما يحتاج إلى الإصلاح ، والبداية بالإصلاح من الريع حفظا لأصل الوقف ، بل لو شرط خلاف ذلك بطل ; لأنه خلاف سنة الوقف ، ولو شرط أن إصلاح الدار على الموقوف عليه امتنع ابتداء ; لأنها إجارة بأجرة مجهولة ، فإن وقع مضى الوقف وبطل الشرط ، وأصلح من الغلة جمعا بين المصالح ، وقال محمد : يرد الوقف ما لم يقبض لفساده .
فرع
قال : ، وإلا صرف بالسوية ; لأنها الأصل ، وإن جهل أربابه فهو كوقف لم يعين مصرفه ، وقال ( ش ) إن علم بشرط الواقف في الصرف اتبع في المساواة والتفضيل وأحمد : يستوي الذكر والأنثى والغني والفقير .
[ ص: 330 ] فرع
قال : إذا آجره الولي لغبطة ، ثم ظهر طالب بزيادة لم يفسخ ; لأن عقد الإجارة وقع صحيحا لازما .
فرع
قال : يمنع نقض بنيان الحبس لتبنى فيها الحوانيت للغلة ; لأنه ذريعة لتغيره ، ومن هدم حبسا من أهله أو من غيرهم رد البنيان ، كما كان ولا تؤخذ منه القيمة ، وقال ( ش ) : عليه القيمة ; لأن البنيان ليس من ذوات الأمثال ، قال بعض الشيوخ : ثلاث صور مستثناة من ذوات القيم : البنيان والثوب يخرق خرقا يسيرا يجب رفده ، والرجل يشتري الشاة وآخر جلدها فيؤثر صاحب الشاة الإحياء فعليه مثل الجلد ؛ حكى هذا صاحب البيان ، ثم قال : وليس كذلك ، بل لأن عود البنيان على مثل ما كان في عتقه وهيئته متعذر ، والقيمة قد لا تحصل مثل ذلك البناء ، والقيمة إنما جعلت بدل الشيء إذا كانت تحصيل مثله ، وها هنا لا تحصل ، قال في الجواهر : وأما الحيوان يقتل فقيمته يشترى بها مثله ويجعل مكانه ، فإن تعذر يشقص من مثله ، وقيل إذا تعذر قسم كالغلة ، وإذا انكسر من الجذع امتنع بيعه واستعمل في الوقف ، وكذلك البعض ، وقيل يباع ولا يناقل بالوقف ، وإن خرب ما حواليه وبعدت وبعدت العمارة عنه ، وقال ( ش ) وأحمد : تباع الدار ويصرف ثمنها إلى وقف آخر ، وكذلك المسجد ، وقال محمد : إذا خرب ما حوله عاد إلى ملك الواقف ; لأن الوقف لغير مصلحة عبث ، لنا القياس على العتق ، وعارضوه بالقياس على الكفن إذا أكل الميت السبع ، والفرق أن ها هنا يرجى عود المنفعة لمن يشرع بعمارته ويعود الناس حوله ، والميت إذا أكل لا يعود إلا في الآخرة ، وهو الفرق بينه وبين الحيوان يباع عند الهرم .
[ ص: 331 ] فرع
قال : يجوز ، وكذلك الطريق ; لأن السلف عملوا ذلك في مسجده ; ولأن منفعتهما أهم من نفع الدور ؛ قاله بيع الدور المحبسة حول المسجد يحتاج لتوسيعه بها مالك ، وقال عبد الملك : ذلك في مثل الجوامع والأمصار ومساجد القبائل .
نظائر : قال العبدي : : مجاور المسجد إذا ضاق يجبر من جاوره على البيع ، والماء للخائف من العطش ، فإن تعذر الثمن أجبر بغير ثمن ، ومن انهارت بئر جاره وعليها زرع بغير ثمن ، وقيل بالثمن ، والمحتكر يجبر على بيع طعامه ، وجار الطريق إذا أفسدها السيل يؤخذ مكانها بالقيمة من جار الساقية ، وصاحب القران في قرن الجبل إذا احتاج الناس إليه ليخلصهم ، وصاحب الفرس ، أو الجارية الجارية يطلبها السلطان ، فإن لم يدفعها له ، جبر الناس الناس ، فإنه يجبر هو دفعا لأعظم الضررين . يجبر الإنسان على بيع ماله في سبع مسائل
فرع
في الجواهر : قال عبد الملك : يجوز وما يرى من النظر مما يجوز مثله للوكيل ، وأما ما يطول فلا ; لأنه إنما يلي مدة حياته ، ويمتنع للناظر الكراء للسنة والشهر ; لأنه قد يضيع لذلك ; ولأنه لا يقسم الكراء حتى يكمل يكمل السكنى ، وقد يموت من أخذ قبل الاستحقاق ، ويحرم من جاء قبل الوجوب ممن يولد قبل القسم وله كراء مثل الخمس سنين ، وقد اكترى الكراء بالنقد مالك منزله عشر سنين وهو صدقة ، وأنكر المغيرة وغيره عشر سنين .
فرع
قال : من أراد الزيادة في وقف غيره ، أو ينقص منه منعه الواقف أو ورثته ، أو الإمام إن لم يمنع الواقف ولا الوارث ; لأنه حق لله وللواقف ، فإذا ترك حقه قام [ ص: 332 ] الإمام بحق الله تعالى ، ولو خرب فأراد غير الواقف إعادته للواقف منعه ولوارثه ; لأنه تصرف تصرف في ملكهم .
فرع
قال ابن يونس : إذا وأمضيناه على شرطه ، له تغيير الوقف إلى ما هو أفضل للعبد ، ولو نقل الحيوان إلى ما ليس أفضل امتنع ; لأنا جوزنا النقل مع كونه على خلاف وضع الوقف لأجل ضعف الوقف فيه والمصلحة للأرجح . وقف الحيوان
فرع
قال : قال مالك : لو امتنع ، إلا أن تجيزه أمه ; لأن النقل إلى الأفضل جائز ، ولم يبق إلا حقها فيسقط بالرضى . حبس عبدين على أمه حياتها ، فلما حضرته الوفاة أعتق أحدهما