[ ص: 13 ] الركن الثاني : الموصى له    . 
وفي الجواهر : يصح لكل من يصح له الملك ويتصور ، فلو أوصي لحمل امرأة فانفصل حيا  صحت الوصية ؛ لأن مصالح المال يمكن حصولها من الحمل في المستقبل ، كما جوز شراء الجحش الصغير وإن كان في الحال لا يحصل منه مقصود الملك بل باعتبار المآل ، ولو أسقطته بعد موت الموصي ولم يستهل صارخا بطلت الوصية لانكشاف الغيب عن بطلان أهلية الملك ، وقاله في الكتاب ولو أوصى لحمل سيكون صح لتوقع الانتفاع كبيع الرضيع . 
فرع 
قال  اللخمي     : تجوز وصيته لعبده وعبد وارثه إذا لم يكن معه وارث سواه  ؛ لأنه له انتزاعه ، فليس فيه ازواء عنه ، وإن كان معه وصايا حاص بوصيته ، وإن كان معه وصايا جازت فيما قل نحو الثوب والشيء الخفيف لعدم التهمة ، وبأكثر من ذلك لقضاء دين عليه ، والقضاء يزيد في ثمنه الشيء اليسير ؛ لأنه لا يتهم في الوصية لسيده الوارث حينئذ ، وتجوز وصيته لمدبره وولده وأم ولده باليسير ، وللمكاتب بالكثير لكونه أحرز ماله كالأجنبي إن كان يقدر على أداء كتابته من غير الوصية ، قال  أشهب     : فإن لم يقدر إلا من الوصية ، والأداء أفضل لسيده - امتنع ، أو العجز أفضل جازت لعدم التهمة ، قال : وأرى الجواز مطلقا ؛ لأن القصد الخروج من الرق ، فقد اختلف فيمن زوج أمته في مرضه وضمن الصداق ، فقيل : الضمان جائز وهي وصية للزوج : وإن كانت المنفعة تصير للابنة ، وقيل يمتنع ، وقال ( ش ) : الوصية لعبد الوارث وصية للوارث  ؛ لأن العبد لا يملك عنده فتمتنع ، وكذلك الوصية لعبد نفسه ؛ لأن وقت نفوذ الوصية ملك للوارث ، بخلاف أم   [ ص: 14 ] الولد والمكاتب والمدبر ، والوصية عنده لعبد الغير وصية للسيد ، ويقبل العبد دون إذن سيده قياسا على تملكه بالأسباب الفعلية كالصيد والاحتطاب ، قال  اللخمي     : وإذا أوصى لعبده أو لعبد وارثه لا ينتزع الورثة ولا سيد العبد الوصية ؛ لأنه يؤدي إلى بطلانها ، وإن يبع بيع بماله ، وللمشتري الانتزاع لعدم منافاة الوصية . وقال  أشهب     : بتفريد العبد حتى ينتفع بها ويطول زمان ذلك ، ولا ينتزعونها إن باعوه قبل الطول ، قال : والأحسن عدم الانتزاع مطلقا ؛ لأنه قصد الموصي ، قال : وكذلك المشتري ؛ لأن البيع على أن ينتزع كانتزاع الوارث ، وأجاز ابن القاسم  إذا أوصي لعبد أجنبي أن ينتزع سيده . قال : والقياس عدم الانتزاع لما تقدم ، وفي الجواهر : لا يفتقر في القبول إلى إذن سيده ؛ لأنه صحيح العبارة وإنما حجر عليه السيد . 
فرع 
في الجواهر : تصح الوصية للمسجد والقنطرة  ونحوهما وإن لم يملكا ؛ لأن الوصية للمسلمين لحصول تلك المصالح لهم . 
فرع 
قال : تصح للذمي  كالصدقة عليه ، قال : وكرهها  أبو الحسن  للحربي  ومنعها ( ش ) للحربي ولكل ما لا قربة فيه لقوله عليه السلام : ( إن الله أعطاكم ثلث أموالكم في آخر أعمالكم زيادة في حسناتكم   ) وما لا قربة فيه لا حسنة فيه . 
وجوابه : له الصرف للحربي وفي المباح حالة الحياة ، ولو وهب الحربي ثلث ملكه إجماعا فكذلك بعد الوفاة عملا بالقياس والاستصحاب . 
قال صاحب المنتقى : تجوز الوصية للذمي والحربي ، وقيل : تمتنع وقاله ( ح ) . 
 [ ص: 15 ] فرع 
قال  التونسي  في كتاب  محمد     : لو أوصى لأخيه وارثه فولد له  ثبتت الوصية لصيرورته محجوبا غير وارث ، وكذلك لو ظهر له حمل بعد موته ، وعند  ابن القاسم  إنما ثبتت الوصية إذا علم بالولد حتى يكون مجيزا لها ، وأما إقراره بالدين لغير وارث فصار وارثا يلزمه لعدم التهمة عند الإقرار بخلاف الوصية ؛ لأن له الرجوع عنها ، فكأنه أنشأها بعد أن صار وارثا ، وفي كتاب  محمد     : حمالته في مرضه عن وارثه جائزة صح أم لا ، وولد له في مرضه ، ولو مات ذلك الولد فعاد وارثا على حاله ثبتت الحمالة ، قاله  أشهب  ، ومشهور ( ش ) أن المعتبر من هو وارث عند الموت وقبل يوم الوصية ، وروي عنه : الوصية للوارث  باطلة ؛ لقوله عليه السلام : ( لا وصية لوارث   ) وعند الصحة ، ويتوقف على إجازة الورثة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تجوز لوارث وصية إلا أن يشأ الورثة   ) ووافقنا في جواز البيع من الوارث بغير محاباة كالأجنبي ومنع ( ح ) ؛ لأنه يخصه بعين المبيع ، والورثة يستحقون ذلك ، وكذلك تمتنع الوصية له بالثلث وإن كان يملك صرفه للأجانب ، وجواب الأول : لا نسلم استحقاق الورثة للعين بل لهم الثلثان شائعان فقط . وعن الثاني : أن الوصية له بالثلث بغير الفرض المقدر له شرعا . 
فرع 
في الكتاب : إذا أوصى لوارث وأجنبي  تحاصا وحط الوارث موروثا إلا أن   [ ص: 16 ] يجيز الورثة ، فإن لم يبتد إلا هذا الوارث لم يحاصص في ضيق الثلث و بدى الأجنبي ، قال   يحيى بن سعيد     : إن أوصى بثلثه في السبيل : فإن أراد وارثه الغزو به وله ورثة غيره يريدون الغزو غزوا فيه بالحصص لئلا يختص بعض الورثة بشيء من التركة . فإن لم يرثه غيره أنفق منه في ذلك ، قال  ربيعة     : لو أوصت لبعض الورثة بوصية وفي السبيل بوصية أخرى فأجاز الزوج ثم قال : إنما أجزته رجاء أن يعطوني في وصية السبيل ؛ لأنه غاز ، ليس ذلك له ، وبعدما أجازه ، قال صاحب النكت : قال بعض الشيوخ في قول  سعيد  يغزون بالحصص أي بقدر كفايتهم ، فإن ضاق الثلث تحاصوا بمقادير الكفاية على قدر مواريثهم ، قال  ابن يونس     : إن أوصى لجميع ورثته وأجنبي  ، وأنصباؤهم في الوصية والميراث سواء ، فالأجنبي مقدم لتقدم الوصية على الميراث إلا أن يكون الورثة ذكورا وإناثا ، وسوى بينهم في الوصية فيعلم أنه خص الإناث بزيادة على ميراثهم فيحاصص الأجنبي ، واختلف في صورته ؛ فقال  ابن القاسم     : إذا أوصى لأبيه ولابنته وأجنبي كل واحد بمائة  تحاصص الابنة بخمسين ؛ لأنها الزيادة على ميراثها لما أعطي الذكر مائة ، وقال غيره : تحاصص بثلث المائة ؛ لأن أصل ميراثها من مائتين لثلاثمائة فتحاصص بالزائد ، قال  ابن وهب     : إن أوصى بثلثه لإخوته وهم شقيقان وأخوان لأم ، وأخوان لأب ولم يدع غيرهم ، قسم الثلث ستة ؛ فحصة أخوي الأب لهما ؛ لأنهما لا يرثان ، ويضم الباقي إلى ثلثي المال ميراثا ولو أوصى لهم بذلك وله ابن فمات الابن قبل موته فالجواب سواء ، قال  مالك     : إذا أوصت لبعض ورثتها فقال الزوج : بئست الوصية ، وما علمت أنه لا وصية لوارث ، يحلف ولا يلزمه ذلك ، قال  اللخمي     : قال  عبد الملك     : إن ترك وارثا واحدا وأوصى بثلثه لأجنبي ، ثم قال : ثلثي لوارثي أو عكس  إن تأخر الأجنبي فله الثلث أو الوارث فله الثلث ؛ لأنه انتزاع من الأجنبي ، فجعل الثلث كالعبد المعين يوصى به مرتين ، قال صاحب المنتقى : قال عبد الوهاب : إذا أوصى لوارثه وأجنبي فيه تفصيل : إن كان مع الوارث وارث آخر : فعن  مالك     : يحاص   [ ص: 17 ] الأجنبي في الثلث فما صار له أخذه . أو للأجنبي فميراث ، وإن لم يكن معه وارث غيره يعلم إرادة تفضيله عليه ، أو أوصى لجميع الورثة مع الأجنبي وقد استووا في الوصية وسهام الميراث فلا محاصة . 
فرع 
قال  الأبهري     : قال  مالك     : إذا أوصى لوارث فباع الوارث العين بعد موت الموصي  فللورثة الثمن لا القيمة إذا لم يحاب ؛ لأنه باع بشبهة ، فإن حابى فلكل وارث رد ما يخصه ، وإن فات لزم البائع في ماله ، فلو ابتاع ما قيمته عشرة بعشرين من وارثه أو بالعكس قال  ابن القاسم     : إن لم يجز الورثة فسخ البيع وليس له إتمام الفضل ؛ لأن العقد عدل به عن البيع إلى وصية لوارث ، وقال  أشهب     : له ذلك ؛ لأن المنع إنما كان لأجل الفضل . 
فرع 
في الكتاب يجوز لولد الولد إذا لم يرث ، فإن مات أحدهم وولد غيرهم بعد موت الموصي قبل القسمة فذلك كقوله : لأخوالي وأولادهم أو بني أخي أو لبني فلان ، فهو لمن حضر القسم ، ولا يحسب من مات بعد موت الموصي ، ولا يحرم المولود بعده ؛ لأنه لم يعين أحدا ، وكذلك لموالي فلان فيموت البعض ( ويولد البعض ) ويعتق آخرون ، وإن قال : لهؤلاء - وهم عشرون - فمن مات فنصيبه لورثته لأجل التعيين . قيل  لابن القاسم     : لو قال : ثلثي لولد فلان وهم عشرة    : قال : قال  مالك     : إذا أوصى بحبس داره أو ثمرة حائطه على ولد فلان  ، يؤثر المحتاجون ، ولم أسمع منه في الوصية شيئا ، وأراهما سواء . قال   سحنون     : وهذه المسألة أحسن من قوله فيمن أوصى لأخواله وأولادهم ، وقد روى ابن وهب مثل   [ ص: 18 ] رواية  ابن القاسم  ، وليس الوصية لأخواله بشيء ناجز كوصيته بغلة موقوفة تقسم إذا حضرت كل عام ، ووصيته لأخواله وولد فلان بمال ناجز ، وهم معروفون لقلتهم ويعلم عددهم كالوصية للمعينين بخلاف الحبس على بني تميم أو المساكين فهو لمن حضر القسمة ، قال صاحب التنبيهات : تأول   سحنون  أنه اختلاف من قول  ابن القاسم  لقوله أولا : إنما تكون لمن أدرك القسم فجعلهم كالمجهولين ، ولقوله أخيرا : هو بينهم بالسوية أنه جعلهم كالمعينين المعروفين ، والخلاف فيه معلوم ، وقال  عبد الملك     : يحمل على التعيين حتى يعلم أنه أراد التعقيب . وهو قول   سحنون  بخلاف قوله لبني تميم  ،  ولأشهب  قولان ، أحدهما : مثل هذا ، والآخر يحمل على الجهالة ، ويقسم على من حضر دون من مات . ورواه عن  مالك  ، وقاله  محمد  إلا أن يسميهم أو يعلم أنه قصد أعيانهم ، وقال غير   سحنون     : ما في الكتاب ليس بخلاف ، وإنما تكلم على صفة اختلاف القسم بين الوصايا والحبس ، قال صاحب النكت : قال بعض القرويين : إذا أوصى لبني فلان فعلى ثلاثة أوجه : إن لم ينضبطوا لكثرتهم فلمن حضر القسم اتفاقا ، أو معروفين فنصيب الميت باق اتفاقا ، ويقسم بالسواء بينهم ، أو ينحصروا بعد مشقة فهو موضع الخلاف ، قال  التونسي     : لو أوصى لولد فلان ولا ولد له وهو يعلم ، ثم ولد له ، ينبغي له أن يوقف ذلك حتى يكبر وينتفع ويوقف لغيره حتى ينتفعوا ؛ لأنه لما علم عدم الولد فقد قصد نفع الذرية بجملتهم فلا يختص بالانتفاع بعضهم حتى ينقرضوا فيكون لورثتهم ، وحكي عن بعض الناس أنه لأول ولد بتلا . 
				
						
						
