فرع
قال : قال مالك : فقال : أخو العبد للسيد وهو حر : بعه بعشرة وأنا أعطيك عشرة فباعه بعشرة ولم يعلم الوصي ، فهو عيب يرجع به على البائع من الثمن ؛ لأن الأخ قد شارك في العتق فما دفع فكأنه أعتق النصف ، والوصي النصف . قال أوصى أن يشترى عبد بعشرة فيعتق عنه فوجد عبد بعشرين ابن القاسم : وتنظر قيمته بغير شرط العتق وبشرطه ، ويرجع بما بين القيمتين . قال : وليس بصواب ، بل هو كالذي استحق نصفه ويجعل ذلك في رقبة أخرى ، فإن كانت الوصية في عتق واجب لم يجز ، وضمن الموصي عند أشهب ؛ لأن الخطأ في الضمان كالتفريط ، ويشتري رقبة أخرى فيعتقها عن الموصي ولا يضمن عند ابن القاسم لعدم علمه ، ويرجع على الورثة في باقي الثلثين .
فرع
قال مالك : ، فاستأجر الوصي على تخليصه لم يكن على الموصى لهم شيء من الأجرة ؛ لأنه لم يوص لهم بدين بل بما يتخلص . وقال أوصى بوصايا وماله دين ابن نافع : إن لم يكن في الثلث فضل فعليهم حصتهم ؛ لأن الوصايا لا تزيد على الثلث .
فرع
قال : قال ابن القاسم : إذا أوصى برقيقه أو غيره فبدله فله ما يوجد عند الموت [ ص: 145 ] من البدل ؛ لأن الوصية إنما يقصد بها حالة الموت ، أما لو عينه فثلاثة أقوال : يتعين العبد والزرع توفية باللفظ ، لا يتعينان ؛ لأن مقصود الوصية إنما هو عند الموت فهو يعلم أن له الرجوع والاستبدال ، يتعين العبد دون الزرع ونحوه لتعلق حق العبد ، والجماد لا حق له ، واختلف هل يتعين العبد بالتسمية والصفة ؟ عينه ابن القاسم نظرا للفظ ، وقيل : لا يتعين ؛ لأن مقصود هذه التعينات الإشارة للنوع دون الشخص .
فرع
قال : قال مالك : ؛ لأن الوصية مقصدها : المعروف والإيثار فتحمل هاهنا عليه ، والثلث أصل في الوصايا ولم يتهمه ، وهو خلاف ما في المدونة ، واتهمه في الوصية لوارثه ، ولو فرق بين العالم بوجه الحكم لكان وجها . أوصى أن يشترى عبد وارث له فيعتق عنه فزاد الوارث مثل ثلث الثمن
فرع
قال : قال مالك : : لزم ذلك شريكه ؛ لأنه من باب التقويم ، وعنه : لا يجبر ويعتق نصيبه وحده ؛ لأن الميت لا يقوم عليه . وقال ( ش ) يكمل على الميت في ثلثه قياسا على الحي ، والفرق عندنا : انتقال المال وبطلان الملك والأهلية . أوصى بعتق نصيبه من عبد وعتق نصيب شريكه
فرع
قال الأبهري : قال مالك : سلاحي في سبيل الله ، لا يجعله الوصي حبسا بل يجتهد فيه فيملكه من يقاتل في سبيل الله تعالى .
[ ص: 146 ] فرع
قال : قال مالك : ، فقضى الوصي منه دينا بغير بينة ضمنه ؛ لأنه متعد بعدم البينة . أوصى بثلثه في سبيل الخير
فرع
قال : قال مالك : ما اكتسبه العبد الموصى به بعد الموت وقبل الجمع للتركة فللموصى له ؛ لأنه بالموت صار على ملكه .
فرع
قال صاحب المنتقى : قال ابن القاسم : هو مدبر وإن لم أحدث فيه حدثا فهو وصية ، وكذلك : عبدي مدبر بعد موتي ؛ لأنه تصرف غير مبتوت الآن ، وإن مت من مرضي فعبدي مدبر ، لا يرجع فيه ؛ لأن شأن التدبير التعلق بالموت ، وإن قال : هو حر يوم أموت : قال مالك : إن أراد التدبير فهو تدبير ، وإلا فوصية ؛ لأنها الأصل .
فرع
قال : قال مالك : ، فيستدل بالقرينة على قصده ، وقال في مريض قيل له : أوص ، فقال : فلان حر ، ثم صح فقال : أردت بعد موتي : يصدق لقرينة تقدم الأمر بالوصية ، ومتى عدمت القرائن فهو بتل ؛ لأنه ظاهر اللفظ . إذا أعتق المريض أو الحامل أو تصدقا ، ولم يقل : إن مت ، ثم صح فقال : أردت : إن مت
فرع
شرع الله تعالى الوصية وشرع الرجوع فيها لطفا بالعباد بتوفير عزومهم على [ ص: 147 ] تكثير الوصايا ، وقاله الأئمة ، فلو اعتقد المريض تعذر الرجوع لامتنع من الوصية خشية الصحة فيذهب عليه ماله . فإذا علم أن له الرجوع صحيحا ومريضا استكثر من الوصايا حتى لو أمكنه استيعاب ماله استوعبه بتقديم ماله بين يديه ، ويسعد الموصى له بالوصايا . قال صاحب المقدمات : له في الصحة والمرض وليس له الرجوع في التدبير ، واختلف إذا قال : إن مت فعبدي حر ، هل هو وصية حتى يعلم التدبير ؟ قاله الرجوع في وصية الصحة والمرض ابن القاسم : أو تدبير حتى تعلم الوصية ؟ قاله أشهب ، ثم الرجوع قد يكون بالصريح ، وقد يكون بالمحتمل فتقسم التصرفات ثلاثة أقسام : منها ما يدل على الرجوع ، وما لا يدل ، وما هو متردد ، ويتضح ذلك بسرد فروع المذهب ، وقال ابن يونس : إذا أوصى بدين ثم اقتضاه فأنفقه أو أودعه فهو رجوع ، قاله ابن القاسم ، ولو أوصى بزرع فحصده أو بتمر فجذه أو بصوف فجزه ليس برجوع ؛ لأنه من مصالح ذلك لهلاكه بالتأخير إلا أن يدرسه ويشيله إلى بيته فهو رجوع ، ورهن العبد ليس برجوع وكذلك الإجارة والأجرة للموصى له ؛ لأن الرهن قد يكون بالعارية ، وإجارة الفضولي صحيحة ، قاله مالك ، وإن صبغ الثوب فهو بصبغه للموصى له ، وكذلك غسله ، ويحمل على زيادة في الوصية ، وكذلك تجصيص الدار وزيادة البناء لعدم تغيير الاسم عن حاله ، قال أشهب : وبناء العرصة دارا رجوع لتغيير الاسم ، ولو هدم الدار حتى بقيت عرصة فليس برجوع ؛ لأنها موصى بها ولا شيء له في النقض ، وقال ابن القاسم : العرصة والنقص للموصى له ؛ لأن الجميع موصى به ، قال : وإذا لت السويق وصبغ الثوب فهما شريكان بقدر الصبغ واللت ؛ لأن الأصل بقاؤهما على ملكه ، قال ابن القاسم : نسج الغزل وقطع الثوب رجوع ؛ لتغيير الاسم . قال أشهب قطع القميص قباء أو الجبة قميصا ، والبطانة يبطن بها أو الظهارة يبطنها [ ص: 148 ] ببطانة ، أو القطن يحشى به ، أو الغزل ينسج ، أو الفضة تصاغ ، أو الشاة تذبح رجوع لقوة هذا التصرف وتغيير الاسم في بعضها ، وإذا اشتري الموصى به قبل الموت عادت الوصية للموصى له ؛ لأن الوصية إنما تعتبر عند الموت ، وإن أوصى له بعبد في غير ماله أن يشترى له فملكه بميراث أو هبة نفذت الوصية ؛ لأن المقصود تحصيله له ، ولو أعتق عبده في مرضه فقيل له جهلا : لا يجوز منه إلا الثلث فقال : أعتقوا ثلثه هو رجوع ، ولا يعتق إلا الثلث ؛ لأن الرجوع لا يتوقف على موجبه شرعا ، ولو كان لا يجوز فأعتقوا ثلثه عتق كله قاله أصبغ ، ولو أوصى بثيابه فباع بعضها وأخلف ثيابا ، أو بمتاع بيته فتكسر بعضه فأخلفه ، أو بسلاحه فتكسر ، أو ذهب درعه فأخلفه ، أو بحائطه فيكسر منه النخلات ويغرس غيرها أو يزرع فيه زرعا فذلك كله للموصى له ؛ لأنه مراد الموصي قاله مالك ، بخلاف العبد يموت فيخلف غيره ؛ لأنه عينه ولو قال : رقيقه لفلان فأفاد رقيقا فهو للموصى له ، كما لو قال : إذا مت رقيقي أحرار عتق رقيقه عند الموت ، والوصية أيضا لا تعتبر إلا عند الموت لسلطنة الرجوع قبله ، ولو قال : رأس من رقيقي أو من إبلي فمات بعضهم وأخلف غيره فالوصية فيما أخلف ، ولو قال : ثوبي الخز لفلان فيذهب ويخلف غيره فلا شيء للموصى له تنزيلا للصفة منزلة التعيين ، وقال أشهب : إذا وصف ثيابه بصفتها وألوانها وأجناسها ورقيقه لا يكون الخلف للموصي إلا أن يوافق الأولى في الاسم والجنس والصفة نحو قوله : عبدي مبارك النوبي وقميصي المروزي ويكون الثاني مثله فهو للموصى له ، وفرق بين الوصية والحلف بالعتق : أن الوصية له الرجوع فيها .
ولو حلف بعتق رقيقه إنما يلزمه في رقيقه يوم الحلف والوصية إنما تلزم يوم الموت ، وقاس مالك على الحلف . ولو قال في وصيته : عبدي حر وله عبد واحد فاشترى غيره ثم مات فالأحسن [ ص: 149 ] عتق نصفها بالسهم لتناول الاسم إياها .
وقال محمد : لا يعتق إلا الأول لتعينه بالملك ، قال أشهب : لو قال : أحدهما حر فمات أحدهما واشترى آخر فهما حران ، قال محمد : لا يعتق الثاني فقط ؛ لأنه بقية ما تناوله اللفظ ، قال ابن القاسم : وطء الجارية ليس برجوع ؛ لأن الملك إنما ينتقل عند الموت ، فإذا وقف بعد الموت لتبين الحمل منه فقتلت ، قيمتها للميت ؛ لأنها قد تكون حاملا ، واستشكله ابن عبدوس ؛ لأن الأصل عدم الحمل ، قال صاحب المنتقى قال مالك : رهن العبد والجارية ليس برجوع ويفدى المرهون من رأس المال لبقاء الاسم والصورة على ملكه ، ولو أوصى بعبد بعينه ، ثم أمر ببيع كل عبد له : قال ابن القاسم : كما لو تصدق بكل عبد له على رجل أو أعتق كل عبد له . وقال ابن وهب : تبقى الوصية ؛ لأن اللفظ الخاص يقدم على العام ، ومذهب ابن القاسم على مذهب ( ح ) : أن العام المتأخر يرفع الخاص المتقدم ، قال البصري في تعليقه : إذا أوصى بعبد بعينه ثم أوصى به لآخر فهو بينهما ، وقاله الأئمة ، وليس رجوعا عن الأول ؛ لأن الوصية إنما تملك بالموت فكأنه ملكهم في وقت واحد .