[ ص: 56 ] باب الآنية
قال الشافعي رحمه الله : " " واحتج بقوله عليه السلام : " ويتوضأ في جلود الميتة إذا دبغت " كذلك أيما إهاب دبغ فقد طهر إلا جلود ما لا يؤكل لحمه من السباع إذا دبغت ، لأنهما نجسان وهما حيان . جلد كلب أو خنزير
قال الماوردي : وإنما بدأ بأواني الجلود لاختلاف أحكامها واختلاف الفقهاء فيما يطهر منها ، وللكلام فيها مقدمتان .
أحدهما : أن : وهي الكلب ، والخنزير ، وما تولد من كلب وخنزير ، وما تولد من كلب وحيوان طاهر ، وما تولد من خنزير وحيوان طاهر ، وسيأتي الدليل على تنجيسها في موضعه ، وما سواها من الحيوانات كلها من دوابه وطائره طاهر في حياته . الحيوان كله طاهر إلا خمسة
والمقدمة الثانية : أن : وهي الحوت ، والجراد وابن آدم على الصحيح من المذهب الميتة كلها نجسة إلا خمسة أشياء ، والجنين إذا مات بعد ذكاة أمه ، وسندل على طهارتها . وما سواها من الميتة كلها نجسة فإذا ثبتت هاتان المقدمتان ، فكل والصيد إذا مات في يد الجارح بعد إرسال مرسله قبل دباغه إلا ابن آدم فإن الانتفاع بشيء من جسده بعد الموت محرم لحرمته ، وليس للجراد جلد يوصف بالانتفاع به ، والحوت فقد يكون لبعضه من البحري جلد ينتفع به . ما كان طاهرا بعد موته جاز استعمال جلده
فصل ؟ وأما الحيوان فما كان منه نجسا في حياته من الحيوانات الخمسة لا يطهر جلد شيء منها بذكاته ولا بدباغه ، ولا يجوز استعماله في ذائب ولا يابس .
وقال أبو يوسف ، وداود : يطهر جلود جميعها بالدباغة .
[ ص: 57 ] وقال أبو حنيفة : يطهر دون الخنزير استدلالا بعموم قوله عليه السلام : جلد الكلب
" ، ولأنه حيوان يجوز الانتفاع به حيا فجاز أن يطهر جلده بالدباغ كالبغل ، والحمار . " أيما إهاب دفي فقد طهر
قال : ولأنه حيوان مختلف في جواز أكله فوجب أن يطهر جلده بالدباغ قياسا على الضبع .
ودليلنا عموم قوله عليه السلام : " " ، ولأنه حيوان نجس في حياته فلم يطهر جلده بالدباغ كالخنزير ، ولأن كل ما لم يطهر من الخنزير لم يطهر من الكلب كاللحم ، ولأن النجاسة إنما تزول بالمعالجة إذا كانت طارئة على محل طاهر كالثوب النجس فأما إذا كانت لازمة لوجود العين في ابتداء ظهورها فلا يطهر بالمعالجة كالعذرة والدم ، ونجاسة الكلب لازمة لا طارئة ، ولأن الحياة أقوى في التطهير من الدباغة لتطهرها جميع الحيوان حيا واختصاص الدباغة بتطهير جلدها منفردا فلما لم يؤثر الحياة في تطهير الكلب فالدباغة أولى أن لا تؤثر في تطهير جلده فأما عموم قوله عليه السلام فمخصوص بدليلنا ، فأما قياسهم على البغل والحمار فالمعنى فيه : طهارته حيا وكذلك الضبع . لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب