مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويأتي الخارص النخلة فيطيف بها حتى يرى كل ما فيها ثم يقول خرصها رطبا كذا وكذا ، وينقص إذا صار تمرا كذا وكذا فيبنيها على كيلها تمرا ويصنع ذلك بجميع الحائط وهكذا العنب " .
[ ص: 226 ] قال الماوردي : قد مضى الكلام في وقت الخرص فأما فعلى ما وصفه كيفية الخرص الشافعي ، وهو : أن يأتي الخارص فيطيف بكل نخلة حتى يرى ما فيها ، ويقدره رطبا وينظر كم يصير تمرا ، ثم يفعل كذلك بجميع النخل ، فإن كان النخل نوعا واحدا جاز أن يخرص جميع ثمارها رطبا ويحصيه ، ثم ينظر كم يصير تمرا ويثبته ، وإذا كان النخل أنواعا لم يجز أن يحصي جميع خرصه رطبا ثم يجعله تمرا ، حتى يخرص كل نوع منها رطبا ثم يجعله تمرا حتى يخرص كل نوع منها رطبا ويرده إلى القدر الذي يصير تمرا : لأن الرطب قد يختلف في نقصانه لاختلاف أنواعه ، فمنه ما يعود إلى نصفه ومنه ما يعود إلى ثلاثة أرباعه ، فإذا أحصى جميع الأنواع رطبا ثم جعلها تمرا ونقصانه مختلف أشكل عليه ولم يصح له وإذا كان نوعا صح له ، واختلف أصحابنا في قول الشافعي ويطيف بكل نخلة هل هو شرط في صحة الخرص أو استظهار على ثلاثة مذاهب :
أحدهما : أنه استظهار واحتياط وليس بواجب ولا شرط لازم لما فيه من المشقة لا سيما مع كثرة النخل .
والثاني : أنه شرط في الخرص لا يصح إلا به : لأن الخرص اجتهاد يلزم بذل المجهود .
والثالث : وهو أصحهما أنه إن كانت الثمرة بارزة عن السعف ظاهرة من الجريد على ما جرت به عادة العراق في تدلية الثمار لم تكن إطافة الخارص بكل نخلة شرطا ، بل كان ذلك استظهارا واحتياطا : لأن جميع ثمرها مرئي ، وإن كانت الثمرة مستترة بالسعف مغطاة بالجريد على ما جرت به عادة الحجاز كان : لأن ثمرها خفي . إطافة الخارص بالنخلة شرطا في صحة الخرص