[ ص: 208 ] باب  ما يوجب الغسل  
 قال  الشافعي      : " أخبرنا الثقة هو  الوليد بن مسلم   عن  الأوزاعي   عن  عبد الرحمن بن القاسم   عن أبيه  عن  عائشة  أنها قالت : " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل " فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا     . ورواه من جهة أخرى عن  عائشة  أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  إذا التقى الختانان وجب الغسل .     ( قال ) حدثنا  إبراهيم   قال حدثنا  موسى بن عامر الدمشقي   وغيره قالوا حدثنا  الوليد بن مسلم   عن  الأوزاعي   في هذا الحديث مثله .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال لما فرغ  الشافعي   من ذكر ما يوجب الوضوء عقبه بذكر ما يوجب الغسل ، والذي يوجب الغسل أربعة أشياء :  
شيئان منهما يشترك فيهما الرجال والنساء ، وشيئان منهما يختص بهما النساء ، دون الرجال ، فأما الشيئان اللذان يشترك فيهما الرجال والنساء :  
فأحدهما :  التقاء الختانين      .  
والثاني : إنزال المني ، فأما التقاء الختانين فموجب للغسل سواء كان معه إنزال أو لم يكن وهو قول الأكثر من الصحابة والجمهور والتابعين والفقهاء .  
وقال  داود بن علي      : لا غسل فيه إذا لم يكن معه إنزال ، وبه قال من الصحابة  أبي بن كعب   ،  وسعد بن أبي وقاص   ،  وأبو سعيد الخدري   استدلالا برواية  الزهري   عن  أبي سعيد الخدري   أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :    " الماء من الماء "  يعني الاغتسال من الإنزال فدل على انتفائه من غير الإنزال .  
 [ ص: 209 ] وبما رواه  هشام بن عروة   عن أبيه عن  أبي أيوب الأنصاري   عن  أبي بن كعب   قال :  سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن  الرجل يجامع أهله ثم يكسل   ، فقال : يتوضأ ولا غسل عليه     . ومعنى يكسل : يقطع جماعه .  
وبما روى  أبو سعيد الخدري   عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :    " إذا كسل أحدكم أو أقحط فلا غسل عليه     " قوله : أقحط أي لم ينزل .  
ودليلنا ما رواه  الشافعي   عن  سفيان   ، عن  علي بن زيد بن جدعان   ، عن  سعيد بن المسيب   أن  أبا موسى الأشعري   سأل  عائشة  عن التقاء الختانين فقالت  عائشة     : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :    " إذا التقى الختانان وجب الغسل     " . وروى  الشافعي   ، عن  إسماعيل بن علية   ، عن  علي بن زيد   ، عن  سعيد بن المسيب   ، عن  عائشة  قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "  إذا قعد بين الشعب الأربع ثم ألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل     .  
وروي عن  أبي داود   ، عن  محمد بن مهران   ، عن  ميسر الحلبي   ، عن  أبي غسان   ، عن  أبي حازم   ، عن  سهل بن سعد   قال :  حدثني  أبي بن كعب   أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة ، رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدو الإسلام ثم أمر بالاغتسال من بعد     . وروى  أبو داود   ، عن  مسلم بن إبراهيم   ، عن  شعبة   ، عن  قتادة   ، عن  الحسن بن أبي رافع   ، عن      [ ص: 210 ] أبي هريرة   أن النبي أنه قال :    " إذا قعد بين شعبها الأربع وألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل     " .  
فأما الجواب عن أخبارهم [ فهو ] أنها منسوخة بما روينا عن  أبي بن كعب      .  
وروي عن  محمود بن لبيد   ، قال : سألت  زيد بن ثابت   عمن أولج ولم ينزل فقال :      [ ص: 211 ] يغتسل فقلت : إن  أبيا   كان يقول لا يغتسل فقال : إن  أبيا   كان نزع عنه قبل أن يموت  أي : رجع فدل على أنه منسوخ إذ لا يجوز أن يرجع الصحابي عن نص إلا بعد علمه بالنسخ ، ومن أصحابنا من كان يمتنع من حملها على النسخ ، ويتأولها فيمن هم بالجماع فأكسل عن الإيلاج فعليه الوضوء دون الغسل ، وهذا التأويل مع انتشار اختلاف الصحابة ثم رجوع من خالف مع ظهور الحجة فاسد ، وإن كان لولا ذلك محتملا .  
				
						
						
