مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا اشترى نخلا أو زرعا للتجارة أو ورثها زكاها زكاة النخل والزرع ولو كان مكان النخل غراس لا زكاة فيها زكاها زكاة التجارة " .
قال الماوردي : إذا ، فذلك ضربان : اشترى للتجارة أرضا أو ماشية
أحدهما : أن تكون الماشية غير سائمة والأرض غير مزروعة ، والنخل غير مثمرة فيزكيها زكاة التجارة من قيمتها .
والضرب الثاني : أن تكون الماشية سائمة والأرض مزروعة والنخل مثمرة فهذا على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن تجب فيه زكاة العين دون زكاة التجارة ، وذلك أن يكون خمسا من الإبل قيمتها دون المائتين ، أو تكون الثمرة والزرع خمسة أوسق قيمتها دون المائتين فهذا يزكيها زكاة العين .
والثاني : أن تجب فيها زكاة التجارة دون العين وذلك بأن يكون أقل من خمسة من الإبل قيمتها مائتان وأقل من خمسة أوسق زرع وثمرة قيمتها مائتان ، فهذا يزكيها زكاة التجارة من قيمتها .
والثالث : أن يجتمع فيها الزكاتان جميعا زكاة التجارة بأن تبلغ قيمتها مائتي درهم وزكاة العين بأن تبلغ خمسة أوسق أو خمسا من الإبل ، فهذا على وجهين :
أحدهما : أن تجب الزكاتان في وقت واحد وذلك بأن يشتري خمسا من الإبل بدون المائتين فيحول الحول عليها ، فتجب زكاة التجارة بحلوله وزكاة العين بحلوله ، أو يملك مائتي درهم ستة أشهر ثم يشتري بها نخلا فيثمر ويبدو صلاحه بعد ستة أشهر ، فتجب فيه زكاة التجارة بحلول الحول ، وزكاة العين ببدو الصلاح ، فالواجب فيها إحدى الزكاتين إجماعا : لأن سبب وجوبها واحد لكن اختلف قول الشافعي أي الزكاتين أثبت حكما على قولين :
أحدهما وهو قوله في القديم : إن زكاة التجارة أثبت وحكمها أغلب فتجب زكاة التجارة ، دون زكاة العين لمعنيين .
أحدهما : أنها أعم من زكاة العين ، وأخص لاستيفائها الأصل والفرع واختصاص زكاة العين بالفرع دون الأصل .
والثاني : أنها أقوى من زكاة العين وآكد لوجوبها في جميع السلع والعروض واختصاص زكاة العين ببعض دون بعض ، والقول الثاني : وهو قوله في الجديد : إن زكاة العين أثبت ، وحكمها أغلب فتجب زكاة العين دون زكاة التجارة ، لمعنيين :
[ ص: 304 ] أحدهما : أنها أقوى من زكاة التجارة ، وأوكد لأنها وجبت بالنص مع انعقاد الإجماع عليها وزكاة التجارة وجبت بالاجتهاد مع حصول الخلاف فيها ، فكان المجمع عليه أولى من المختلف فيه .
والثاني : أن زكاة العين في الرقبة ، وزكاة التجارة في القيمة فإذا اجتمعا كان ما تعلق بالرقبة أولى بالتقدمة ، كالعبد المرهون إذا جنى ، فهذا الكلام في توجيه القولين إذا استوت الزكاتان :
والضرب الثاني : أن يسبق وجوب إحدى الزكاتين ، بأن يتعجل حول التجارة قبل صلاح الثمرة ، أو يتعجل صلاح الثمرة قبل حول التجارة ، فقد اختلف أصحابنا فكان أبو حفص بن الوكيل ، وأبو علي بن أبي هريرة يقولان : يزكي أعجلهما قولا واحدا ، ولا سبيل إلى إسقاط زكاة وجبت في الحال ، ويؤكده أن يجب في ثاني الحال .
وقال آخرون من أصحابنا : بل يكون على قولين : لتعذر استوائهما في الغالب وإن الشافعي لم يفرق .