مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " أخبرنا مالك عن أبي الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أنه قال : أبو سعيد فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين في صبيحة إحدى وعشرين ( قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأوسط من شهر رمضان ، فلما كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه ، قال صلى الله عليه وسلم " من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر " قال : " وأريت هذه الليلة ثم أنسيتها " قال : " ورأيتني أسجد في صبيحتها في ماء وطين فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر " ، فمطرت السماء من تلك الليلة ، وكان المسجد على عريش فوكف المسجد ، قال الشافعي ) وحديث النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أنها في العشر الأواخر والذي يشبه أن يكون فيه ليلة إحدى أو ثلاث وعشرين ولا أحب ترك طلبها فيها كلها " .
قال الماوردي : وإنما بدأ الشافعي بليلة القدر لشرفها ، وأنها توافق عشر الاعتكاف ، واختلف في تسميتها على قولين : ليلة القدر
أحدهما : لأن الله تعالى يقدر فيها أمور السنة أي : يقضيها :
والثاني : لأنها عظيمة القدر جليلة الخطر ، من قولهم رجل له قدر ، والأصل فيها قوله تعالى : إنا أنزلناه في ليلة القدر [ القدر : 1 ] ، يعني القرآن جملة أنزل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ، فكان ينزل نجما بعد نجم ، وهو معنى قوله تعالى : فلا أقسم بمواقع النجوم [ الواقعة : 75 ] ، وفي قوله تعالى : ليلة القدر خير من ألف شهر [ القدر : 3 ] ثلاثة تأويلات :
أحدها : أن ليلة القدر خير من عمر ألف شهر ، وهو قول الربيع .
والثاني : أن ليلة القدر خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وهو قول قتادة .
والثالث : معناه : أن العمل في ليلة القدر خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر . وهو قول مجاهد ، ثم قال : تنزل الملائكة والروح فيها [ القدر : 4 ] وفي الروح تأويلان :
[ ص: 483 ] أحدهما : جبريل ، كقوله تعالى : نزل به الروح الأمين [ الشعراء : 193 ] .
والثاني : العلم كقوله تعالى : ينزل الملائكة بالروح من أمره [ النحل : 2 ] فهذه السورة من كتاب الله تعالى تدل على شرفها ، وفضل العمل فيها ومن السنة ما روى الشافعي عن سفيان عن الزهري عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أم سلمة " . من صام رمضان وقام ليلة القدر إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه