مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا فعليه أن يعود إلى الماء ، وإن تيمم ففرغ من تيممه بعد طلب الماء ثم رأى الماء بنى على صلاته وأجزأته الصلاة ( وقال دخل في الصلاة ثم رأى الماء بعد دخوله المزني ) وجود الماء عندي ينقض طهر التيمم في الصلاة وغيرها سواء ، كما أن ما نقض الطهر في الصلاة وغيرها سواء ولو كان الذي منع نقض طهره الصلاة لما ضره الحدث في الصلاة وقد أجمعوا والشافعي معهم أن رجلين لو توضأ أحدهما وتيمم الآخر في سفر لعدم الماء أنهما طاهران وأنهما قد أديا فرض الطهر فإن أحدث المتوضئ ووجد المتيمم الماء أنهما في نقض الطهر قبل الصلاة سواء فلم لا ، كانا في نقض الطهر بعد الدخول فيها سواء ؟ وما الفرق وقد قال في جماعة العلماء إن عدة من لم تحض الشهور فإن اعتدت بها إلا يوما ثم حاضت أن الشهور تنتقض لوجود الحيض في بعض الطهر فكذلك [ ص: 257 ] التيمم ينتقض وإن كان في الصلاة وجود الماء كما ينتقض طهر المتوضئ وإن كان في الصلاة إذا كان الحدث وهذا عندي بقوله أولى " .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا فما مضى من صلاته بالتيمم مجزئ ولا إعادة عليه فيه ، وحكي عن صلى بالتيمم ثم رأى الماء بعد فراغه من الصلاة الحسن ، وابن سيرين ، وعطاء ، وطاوس ، ومالك أن عليه الإعادة فيما كان وقته باقيا استدلالا بأن وجود الماء كالنص الذي يبطل حكم الاجتهاد معه .
ودليلنا رواية عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال : . وهذا نص ، ولأن التيمم في السفر بعدم الماء عذر معتاد فإذا صلى مع وجوده لم يلزمه الإعادة بعد زواله له كالمرض والسفر . خرج رجلان في سفر وحضرتهما الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا ثم وجدا الماء بعد في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة بوضوء ، ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له ، فقال للذي لم يعد أصبت وأجزأتك صلاتك ، وقال للذي توضأ وأعاد لك الأجر مرتين
وأما الجواب عما ذكروه من وجود النص بعد الاجتهاد ، فهو أننا نلتزم من القول بموجبه ، وذلك أنه متى كان النص المخالف موجودا قبل الاجتهاد كان الاجتهاد باطلا ، والحكم به منقوضا ، ومثاله في التيمم : أن يكون الماء في رحله وقت التيمم موجودا ، وفي هذا الموضع يلزمه الإعادة على ما سنذكره وإن كان النص حادثا بعد الاجتهاد ، فهذا يتصور في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم فالحكم بالاجتهاد المتقدم عليه نافذ لا يعترض عليه بفسخ ، وهو مثال مسألتنا فاقتضى أن تكون صلاته الماضية قبل رؤية الماء نافذة .