مسألة : قال الشافعي : " ولا يتيمم مريض في شتاء ولا صيف إلا من به قرح له غور وبه ضنى من مرض يخاف أن يمسه الماء أن يكون منه التلف ، أو يكون منه المرض المخوف لا لشين ولا لإبطاء برء ، وقال في القديم : يتيمم إذا خاف إن مسه الماء شدة الضنا " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، والمرض هو الحال الثانية التي أباح الله تعالى التيمم فيها ، ويجوز مع وجود الماء ، وهو قول الجمهور ، وحكي عن التيمم في المرض الحسن البصري ، وعطاء بن أبي رباح أنه لا يجوز التيمم في المرض إلا مع عدم الماء : لأن الله تعالى قال : وإن كنتم مرضى أو على سفر [ المائدة : 6 ] إلى قوله : فلم تجدوا ماء فتيمموا فلما كان عدم الماء في السفر شرطا في جواز التيمم كذلك في المرض .
ودليلنا رواية الشافعي عن إبراهيم بن محمد ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن أبي أمامة ، عن أبي أمامة واسمه - أسعد بن سهل بن حنيف - أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا في سرية فأصابه [ ص: 270 ] كلم وأصابته جنابة فصلى ولم يغتسل وخاف على نفسه فعاب عليه ذلك أصحابه فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك له فأرسل إليه فجاء فأخبر فأنزل الله : ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ولأنه لما كان الفرض يتغير بلحوق المشقة من غير خوف التلف كالمسافر يفطر لأجل المشقة ، والمريض يفطر ، وترك القيام في الصلاة للحوق المشقة فلأن يتغير الفرض لخوف التلف من استعمال الماء أولى .