مسألة : قال  الشافعي   رحمه الله تعالى : "  وإن كانت بهيمة فنتجت قبل التفرق ثم تفرقا ، فولدها للمشتري : لأن العقد وقع وهو حمل      " .  
قال  الماوردي      : وهذه المسألة مبنية على أصلين :  
أحدهما :  ملك المبيع بماذا ينتقل إلى المشتري      : وفيه ثلاثة أقاويل مضت .  
والثاني : في الحمل ، هل يأخذ قسطا من الثمن أو يكون تبعا ؟  
على قولين :  
أحدهما : يكون تبعا ، ولا يأخذ من الثمن قسطا كالسمن والأعضاء : لأنه لو أعتق الأم سرى العتق إلى حملها كسرايته إلى أعضائها التابعة لها .  
والقول الثاني : يأخذ قسطا من الثمن كاللبن : لأنه لو أعتق الحمل لم يسر العتق إلى أمه ، ولو كان تبعا لها كأعضائها لسرى عتقه إليها كما يسري عتق أعضائها إليها .  
فإذا ثبت هذان الأصلان : فصورة مسألة الكتاب في رجل ابتاع بهيمة حاملا ، فوضعت بعد العقد وقبل الافتراق .  
فإن قلنا : إنه يأخذ قسطا من الثمن ، صار العقد كأنه قد تناولهما معا .  
فإن تم البيع كان الولد للمشتري مع الأم .  
 [ ص: 61 ] وإن انفسخ البيع كان الولد للبائع - وهذا على الأقاويل كلها - ويكون الولد مضمونا على البائع ، حتى يسلمه ، ومضمونا على المشتري إذا تسلمه .  
وإن قلنا : إن الحمل تبع : فلا . يخلو حال البيع من أن يتم ، أو ينفسخ : فإن تم البيع : فحكم الولد مبني على الأقاويل الثلاثة في انتقال الملك .  
فإن قلنا : إن الملك ينتقل بنفس العقد ، أو قلنا : إنه مراعى ، فالولد للمشتري ، لحدوثه في ملكه .  
وهل يكون مضمونا على البائع ، حتى يسلمه ؟ على وجهين مخرجين من اختلاف قوله في نماء الصداق .  
هل يكون مضمونا على الزوج أم لا ؟  
وإن قلنا : إن الملك لا ينتقل إلا بالعقد وقطع الخيار ، ففي الولد وجهان مبنيان على اختلاف أصحابنا في خيار المجلس ، هل يجري مجرى خيار العيب أو مجرى خيار القبول ؟ على وجهين :  
أحدهما : أنه يكون للمشتري ، وهذا إذا قيل : إنه يجري مجرى خيار العيب .  
فعلى هذا هل يكون مضمونا على البائع إذا كانت الولادة قبل التسليم ؟ على وجهين :  
والثاني : أنه يكون للبائع ، وهذا إذا قيل : إنه يجري مجرى خيار القبول .  
فعلى هذا لو كانت الولادة بعد التسليم ، لزم المشتري رده ، ولم يكن مضمونا عليه إلا بالتعدي وجها واحدا : لأن المشتري يضمن المبيع في حق نفسه ، فلم يلزمه ضمان النماء في حق غيره ، ولما كان البائع يضمن المبيع في حق غيره ، جاز أن يلزمه ضمان النماء في حق غيره .  
فصل : وإن انفسخ البيع بينهما :  
فإن قلنا : إن المشتري لا يملك إلا بالعقد وقطع الخيار ، أو قلنا : إنه موقوف مراعى ، فالولد للبائع ، وهو أمانة في يد المشتري لا يضمنه إلا بالتعدي .  
وإن قلنا : إن المشتري قد ملك بنفس العقد فعلى وجهين :  
أحدهما : أن الولد للبائع إذا قيل : إن هذا الخيار يجري مجرى خيار القبول ، ويكون أمانة في يد المشتري .  
والوجه الثاني : الولد للمشتري إذا قيل : إن هذا الخيار يجري مجرى خيار العيب .  
وهل يكون على البائع ضمانة أم لا ؟ على وجهين :  
وكذا الحكم في كل نماء حدث بعد العقد وقبل قطع الخيار من ثمرة ، وكسب ، كالولد سواء والله أعلم .  
 [ ص: 62 ] 
				
						
						
