فصل : فأما المزني فإنه تأول كلام الشافعي فيما قصد به مالكا في إبطاله ، وهو قوله لأنه لم ينعقد على محرم عليهما معا ، وإنما وقع محرما على الخائن منهما ، فحمله على أن البيع بظهور الخيانة الشافعي أراد به تحريم الثمن على أحدهما . وقال المزني : لو كان الثمن حراما وقت العقد لكان البيع فاسدا وإنما يحرم السبب وهو الخيانة دون الثمن .
فالجواب أن الشافعي لم يرد تحريم الثمن في عينه كما توهم المزني ، وإنما أراد تحريم السبب وهو التدليس والخيانة ، فكان التحريم راجعا إلى فعل العاقد دون العقد ، والتحريم إذا رجع إلى العاقد دون العقد لم يبطل العقد كتحريم النجش وتلقي الركبان ، ولو رجع التحريم إلى العقد دون العاقد كان مبطلا للعقد كتحريم المنابذة والملامسة وبيع الحمل ، فعبر الشافعي عن تحريم الفعل بتحريم الثمن : لأنه لما كان مأخوذا عن سبب محرم جاز أن يعبر عنه بأنه محرم ا ه .