مسألة : إذا  وقعت في الماء جرادة أو حوت   
قال  الشافعي   رضي الله عنه : " وإن وقعت فيه جرادة ميتة أو حوت لم تنجسه : لأنهما مأكولان ميتين " .  
قال  الماوردي      : وأصل هذا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "  أحلت لنا ميتتان ودمان     " فذكر في الميتين الحوت والجراد ، وفي الدمين الكبد والطحال ، فأما الجراد فمن صيد البر ، فهو مأكول ، وموته ذكاته ، فإذا مات في الماء أو وقع فيه ميتا فالماء طهار : لأنه بعد موته محلل أكله كاللحم الذكي الذي لا ينجس الماء بوقوعه فيه وأما الجواب عن صيد البحر وصيد البحر ينقسم ثلاثة أقسام :  قسم متفق على أكله   ، وهو الحوت ، فأما إذا مات في الماء فهو طاهر وأكله حلال ، سواء كان موته بسبب ، أو غير سبب وقال  أبو حنيفة      : إن كان موته بسبب      [ ص: 323 ] أكل ، وإن كان بغير سبب لم يؤكل ، وللكلام معه موضع غير هذا ، فأما  دم الحوت   فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :  
أحدهما : نجس كسائر الدماء ، وينجس ما وقع فيه .  
والوجه الثاني : أنه طاهر ، لا ينجس ما أصابه : لأن الحوت لما باين سائر الأموات باين دمه سائر الدماء .  
والقسم الثاني : من حيوان البحر ما اتفق على تحريمه   وهو الضفدع لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه ، وكذلك سائر ذوات السموم كحيات الماء وعقاربه ، فهذه كلها محرمة الأكل ، وهي إذا ماتت نجسة ، وهل ينجس الماء بموته فيه أم لا ؟ على ما مضى في القولين ، وقال  أبو حنيفة      : إنها طاهرة ، وإن كانت محرمة ، ولا ينجس الماء بموتها على أصله فيما لا نفس له سائلة ، وقد مضى الكلام معه فيه .  
والقسم الثالث : ما اختلف في إباحته   ، وهو ما سوى الحوت المباح ، وذوات السموم المحرمة من دواب الماء وكلابه وخنازيره وسباعه فقد علق  الشافعي   القول فيه ما سنشرحه في موضعه ، فاختلف أصحابنا فيه على ثلاثة مذاهب :  
أحدها : أن جميعه حرام ما لم يكن حوتا لقوله صلى الله عليه وسلم : "  أحلت لنا ميتتان     " فذكر الحوت والجراد فدل على أن ما سوى الحوت ليس بحلال .  
والثاني : أن جميعه حلال لقوله صلى الله عليه وسلم في البحر : "  هو الطهور ماؤه الحل ميتته      " فكان على عمومه في جميع ميتته .  
والثالث : أن ما أشبه محرمات البر كالكلاب والخنازير والحمر والسباع كان حراما ، وما أشبه المأكول منه مثل دواب الماء وبقره كان حلالا ، فعلى هذا إذا قلنا : بإحلال ذلك ، فهو طاهر بعد موته ، والماء الذي مات فيه طاهر ، وإذا قلنا : أنه حرام ، كان نجسا بعد موته ، وهل ينجس ما مات فيه ؟ على قولين : وقال  أبو حنيفة      : ليس بنجس ولا ينجس والله أعلم بالصواب .  
				
						
						
