فصل : وأما الضرب الرابع منها : وهو ما كان من ممنوعاته الزائدة فعلى ثلاثة أضرب :
أحدها : أن تكون زيادة صفة في الحكم .
والثاني : زيادة وثيقة كالرهن .
والثالث : زيادة تمليك من الرهن .
فأما زيادة الصفة في الحكم فمثل أن بأي ثمن شاء فهذا وما شاء كله شروط زائدة على مقتضى الرهن فكانت باطلة لمنافاتها مقتضى العقد ، وهل يبطل العقد ببطلانها أم لا ؟ على قولين : يشترط المرتهن في العقد بيع الرهن متى شاء ، أو يشترط بيعه
أحدهما : قد بطل لشرط ما ينافيه ، وإن كانت شروطا زائدة ، كما يبطل باشتراط ما ينافيه من الشروط الناقصة ، والفرق بينهما : أن الشروط الناقصة تمنع بعض موجبات الرهن فكانت مبطلة ، والشروط الزائدة قد استوفى معها موجبات الرهن فلم تبطله ، وأما زيادة الوثيقة في الرهن فمثل أن ، أو ماشية على أن ما أنتجت كان رهنا معها ، أو دارا على أن ما استغل من أجرتها كان رهنا معها ، فهذا وما يشاء كله من الشروط الزائدة في وثيقة الرهن ، وفيها قولان : يرهنه نخلا على أن ما أثمرت كان رهنا معها
[ ص: 245 ] أحدهما : قاله في القديم : إنها لازمة وعقد الرهن باشتراطها صحيح وتدخل في الرهن تبعا للرهن .
والقول الثاني : إنها باطلة وهو الصحيح لأمرين :
أحدهما : غرمه وقت عقده .
والثاني : جهالة قدره .
فعلى هذا في بطلان الرهن ببطلان هذا الشرط قولان :
أحدهما : أن الرهن باطل ببطلان هذا الشرط ، فعلى هذا في بطلان البيع قولان .
والثاني : أن الرهن جائز وإن بطل هذا الشرط ، فعلى هذا البيع أجوز ، والبائع فيه مخير بين إمضائه وفسخه لبطلان الشرط في إرهان الحادث .
وأما : فمثل أن يرهن نخلا على أن للمرتهن ثمرتها ، أو ماشية على أن له نتاجها ، أو دارا على أن له سكناها ، أو دابة على أن له ركوبها ، فهذا وما شاء كلها من الشروط الزائدة في تملكه من الرهن إذا كانت مشترطة في رهن لم يخل ذلك الرهن من أحد أمرين : زيادة التمليك في الرهن
إما أن يكون مأخوذا من دين أو مشروطا في بيع ، فإن كان الرهن مأخوذا في بيع كانت هذه الشروط كلها باطلة ، لأنها تمليك أعيان ومنافع بعقد لا يوجبها من غير عوض يقابلها ، وإذا بطلت الشروط ففي بطلان الرهن قولان : لأنها شروط زائدة ، وإن كان الرهن مشروطا في بيع لم تخل هذه الشروط من أحد أمرين :
إما أن تكون مشروطة في الرهن أو في البيع ، فإن كانت مشروطة في الرهن كانت الشروط باطلة ، وفي بطلان الرهن قولان :
أحدهما : باطل ، فعلى هذا في بطلان البيع قولان .
والثاني : جائز ، فعلى هذا البيع أجوز ، والبائع في البيع مخير بين إمضائه وفسخه ، وإن كانت هذه الشروط مشروطة في البيع لم يخل حال الشرط من أحد أمرين :
إما أن تكون أعيانا أو منافع ، فإن كانت أعيانا كالثمار والنتاج كان الشرط باطلا والبيع باطلا ، لأنها تصير من جملة الثمن وهي أعيان مجهولة لم تخلق فلم يصح أن تكون من جملة الثمن فبطلت وبطل البيع ببطلانها ، ولا رهن ، فإن كانت منافع كسكنى الدار وركوب الدابة كان كاشتراطه في عقد البيع الذي قد ارتهن فيه دارا على أن يسكنها سنة ، أو ارتهن [ ص: 246 ] فيه دابة على أن يركبها سنة ، فهذا عقد قد جمع بيعا وإجارة بعوض واحد لا يعرف منه حصة البيع من حصة الإجارة ، وللشافعي في ذلك قولان :
أحدهما : أن البيع والإجارة جائزان ، فعلى هذا يكون الشرط لازما ، والبيع صحيحا ، والرهن جائزا .
والقول الثاني : أن البيع والإجارة باطلان ، لأن البيع والإجارة مختلفا الحكم ، فلم يصح أن يجتمعا في المنفعة ، فعلى هذا يكون الشرط باطلا ، والبيع فاسدا ، والرهن محلولا ، فهذا عقد هذا الباب ومقدمته وما يبنى عليه مسائله .