فصل : فأما فعلى قولين : حلول الدين المؤجل بحدوث الفلس
أحدهما : أنه يحل بالفلس كما يحل بالموت وهو مذهب مالك ، وهذا على القول الذي يجري حجر الفلس مجرى حجر المرض ، لأن كما ينتقل مال المريض بالموت إلى ورثته ، فلما كان الموت يوجب حلول الأجل وجب أن يكون الفلس بمثابته يوجب حلول المؤجل ، ويلخص هذا الثلث أن المفلس ينتقل ماله بالفلس إلى غرمائه . خراب الذمة يوجب التسوية بين الديون الحالة والمؤجلة كالموت
والقول الثاني : أنها على آجالها - لا تحل بالفلس - وهو مذهب المزني ، وهذا على القول الذي يجري منها حجر المفلس مجرى حجر السفيه ، لأن ديون السفيه لا تحل لبقاء ملكه وجواز استفادته ، فكذلك المفلس لما كان ممن يملك ويجوز أن يحدث له ملك ويبقى له ذمة لم تحل ديونه ، وخالف الميت الذي لا يبقى له ملك ولا يجوز أن يحدث له ملك ولم يبق له ذمة حيث حلت ديونه ، ولأن إنما كان بالديون الحالة دون المؤجلة بدليل أنه لو كانت ديونه مؤجلة لم يجز الحجر عليه بها ، والمفلس إنما يجب صرف ماله فيمن كان الحجر عليه من أجله بدليل أن من حدث دينه بعد الحجر لم يكن مشاركا في ماله الذي وقع عليه الحجر ، فكذلك أرباب الديون المؤجلة . الحجر على المفلس