مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " وإن  نزع خفيه بعد مسحهما   غسل قدميه وفي القديم وكتاب  ابن أبي ليلى   يتوضأ ( قال  المزني      ) قلت أنا والذي قبل هذا أولى ؛ لأن غسل الأعضاء لا ينتقض في السنة إلا بالحدث وإنما انتقض طهر القدمين لأن المسح عليهما كان لعدم ظهورهما كمسح التيمم لعدم الماء ، فلما كان وجود المعدوم من الماء بعد المسح يبطل المسح ويوجب الغسل ، كان كذلك ظهور القدمين بعد المسح يبطل المسح ويوجب الغسل ، وسائر الأعضاء سوى القدمين مغسول ولا غسل عليهما ثانية إلا بحدث ثان " .  
قال  الماوردي      : وجملة ذلك أن من نزع خفه في مدة المسح أو بعد تقضيها لم يحل حاله عند نزعه أن يكون محدثا أو متوضئا ، فإن كان محدثا توضأ ، وغسل رجليه ، وإن كان متوضئا فعلى قولين :  
أحدهما : وهو قوله في القديم عليه استئناف الوضوء وبه قال من الصحابة  ابن عمر   ، ومن التابعين  الزهري   والشعبي   ، ومن الفقهاء  الحسن البصري   ، ووجهه أن ما منع من استباحة الصلاة بحكم الحدث أوجب استئناف الطهارة كالحدث .  
والقول الثاني : عليه غسل رجليه لا غير ، وبه قال من التابعين  الأسود   وعلقمة   وعطاء   ، ومن الفقهاء  الليث   وأبو حنيفة   ، ووجهه أنه بدل زال حكمه بظهور مبدله ، فوجب أن لا يلزمه      [ ص: 368 ] إلا غسل ما كان بدلا عنه ، كالتيمم لما كان بدلا من غسل الأعضاء الأربعة كان انتقاضه يوجب غسل الأعضاء الأربعة ، ومسح الخفين لما كان بدلا من غسل الرجلين كان انتقاضه يوجب غسل الرجلين .  
فصل : فإذا تقرر ما يوجبه القولان ، فقد اختلف أصحابنا في الأصل الذي بني عليه . فقال  أبو إسحاق المروزي   وأبو علي بن أبي هريرة   وجمهور البغداديين : هما مبنيان على اختلاف قوليه : في تفريق الوضوء ، وقال أصحابنا البصريون : بل هما مبنيان على اختلاف قوله في طهارة بعض الأعضاء إذا انتقضت هل ينتقض بها طهارة جميع الأعضاء أم لا : لأن طهر القدمين انتقض بظهورهما .  
				
						
						
