فصل : وأما  الشرط الثالث وهو المقر به   فهو ما تضمنه الإقرار ، واختلف أصحابنا في حده ، فقال بعض أصحابنا : هو كل شيء جازت المطالبة به . وقال آخرون : بل هو كل شيء جاز الانتفاع به ، وهذا أصح ؛ لأنه حد لما تجوز المطالبة به ولما يجوز الإقرار به ؛ لأن كل شيء صح الإقرار به سمعت الدعوى فيه ، وما رد في أحدهما رد في الآخر ، ولا تسمع الدعوى في مجهول إلا في موضع واحد وهو أن يقول : وصى لي زيد بشيء من ماله فتسمع هذه الدعوى المجهولة على وارثه ويرجع إلى بيانه فيها لجواز الوصية بالشيء المجهول ، ولا تصح الدعوى المجهولة فيما سواه .  
فإذا ثبت ما ذكرنا فلا يخلو  حال المقر به   من أحد أمرين :  
إما أن يكون في بدن ، أو مال . فأما البدن فضربان :  
حق لله .  
وحق للآدمي .  
فأما حق الله تعالى كحد الزنى وشرب الخمر فليس عليه الإقرار بل هو مندوب إلى ستره ، والتوبة منه . قال - صلى الله عليه وسلم - :  من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله تعالى عليه     .  
وأما حق الآدمي فالقصاص وحد القذف فعليه الإقرار به ، والتمكين وأما المال فضربان : أحدهما : حق الله تعالى كالزكوات ، والكفارات فليس عليه الإقرار به ، وإنما عليه أداؤه من غير إقرار .  
 [ ص: 9 ] والثاني :  حق الآدميين ،   وهو على ستة أضرب :  
أحدها : ما كان عينا كعبد ، أو ثوب .  
والثاني : ما كان دينا كمال في الذمة .  
والثالث : ما كان منفعة مال كمنافع الإيجارات .  
والرابع : ما كان منفعة مباحة من غير مال كالأنجاس المنتفع بها ، والكلاب المعلمة .  
والخامس : ما كان من حقوق الأموال كالشفعة .  
والسادس : ما كان من حقوق غير الأموال كالزوجية ، والقسم .  
فهذا كله لا يخلو حال مستحقه أن يكون عالما به ، أو غير عالم . فإن كان عالما به لزمه أداؤه من غير إقرار ما لم يقع تنافر فيه . وإن كان غير عالم به لزمه الأمران معا ، الإقرار به ، والأداء له . فهذا الشرط الثالث .  
				
						
						
