فصل : ولا فرق فيما تقدم من المسائل بين أن يقول : له في هذا العبد ألف ، وبين أن يقول : له من هذا العبد ألف ؛ لأنهما حرفا صفة يقوم أحدهما مقام الآخر وليست الألف جزءا من العبد ، وإنما يتوصل إليها من العبد فاستوى الحكم في قوله : " من " و " في " ، ولكن لو فهذا إقرار بملك جزء من العبد قدره بقيمة ألف ، فهل يصير الإقرار مقدرا بالقيمة ، أو يرجع فيه إلى بيانه ؟ على وجهين : [ ص: 47 ] أحدهما : وهو الأصح عندي ، أنه يرجع فيه إلى بيانه ، ولا يصير مقدرا بالقيمة لأمرين : أحدهما : أن القيمة قد تختلف ، ولا تقف في الأحوال على حد ، ولا الناس فيها مجمعون على قدر فلم يجز أن يقدر الإقرار بها . قال : له من هذا العبد بقيمة ألف ،
والثاني : أنه لا يصح أن يستأنف تملك شيء بقيمة مطلقة . فلهذين ما رجع إلى بيانه في القدر فإن بين قدرا يتقيم بألف ، أو أقل قبل .
والوجه الثاني : يقدر إقراره بالقيمة ، ذكره أبو القاسم الطبري وأن العبد يقيم فإن كانت قيمته أكثر من ألف ملك منه بقسط الألف وإن كانت قيمته ألفا ذكر بعض أصحابنا أنه لا يصير المقر له مالكا لجميع العبد ؛ لأن من يوجب التبعيض فلا بد من إخراج بعضه من إقراره وزعم أن الصحيح عنده أن يكون إقراره بجميع العبد استشهادا بقول الشافعي - رضي الله عنه - أن من أنه إقرار بجميعه ، وأن " من " قد يكون للتبعيض تارة وللتمييز أخرى . قال الله تعالى : قال : لفلان من هذا المال ألف وكان المال كله ألفا فاجتنبوا الرجس من الأوثان [ الحج : 30 ] أي : اجتنب الأوثان الرجس .