فصل : والحال الثاني ، والعفو على ضربين : صريح وتعريض ، فالصريح أن يقول قد عفوت عن الشفعة ، أو تركتها ، ونزلت عنها فهذا مبطل لشفعته . من أحوال الشفيع بعد علمه بالبيع أن يعفو عن الشفعة
والتعريض أن يساوم المشتري في الشقص ، أو يطالبه بالقسمة ، أو يستأجره منه ، أو يساقيه عليه .
فهل يكون التعريض بهذه الألفاظ كصريح العفو في إبطال الشفعة أم لا ؟ على قولين نص عليهما في القديم :
أحدهما : أنه كالصريح في إبطال الشفعة لاشتراكهما في المقصود بالعفو .
والقول الثاني : أنه على حقه ما لم يصرح بالعفو ؛ لما فرق الله تعالى به في الخطبة بين حكم التعريض ، والتصريح .
فأما قوله للمشتري : بارك الله لك في صفقتك ، فليس بعفو صريح ولا تعريض ؛ لأن وصوله إلى الثمن من الشفيع بركة في صفقته ، وهكذا لو شهد للمشتري في ابتياعه لم يكن عفوا صريحا ولا تعريضا ؛ لأن الشهادة وثيقة في البيع الذي بتمامه يستحق الشفعة وجعل أبو حنيفة هذين الأمرين عفوا صريحا .
وأما إن قال سأعفو ، أو قال إن شئت عفوت فليس ذلك عفوا .
[ ص: 240 ]