مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وأما عرصة الدار تكون محتملة للقسم ، وللقوم طريق إلى منازلهم فإذا بيع منها شيء ففيه الشفعة " .
[ ص: 275 ] قال الماوردي : وصورتها في مرفوعة بين أهلها بخلاف الطريق النافذة ، فبيع كل واحد منهم لحصته جائز ، والبناء فيها شائع فإذا باع أحدهم داره مع حصتها من العرصة فقد قال عرصة تحيط بها دور وهي مشتركة بين أرباب الدور مالك ، وأبو العباس بن سريج : إن الشفعة واجبة في الدار المحوزة وفي حصتها من العرصة كالمسألة الماضية ، وعلى مذهب الشافعي - رضي الله عنه - لا شفعة فيها ، وإن كانت واسعة تحتمل القسمة وينتفع كل واحد منهم بحصته من العرصة فلا يخلو حال الدار المبيعة من أن يكون لها طريق من غير العرصة أم لا فإن كان لها طريق من غير العرصة وجبت الشفعة لحصتها من الثمن ويكون المشتري بدخوله على هذه الحالة مؤثرا لتفريق صفته ، وقد سقط حق المشتري من استطراق العرصة لزوال ملكه بالشفعة عما اشتراه من العرصة وإن لم يكن للدار المبيعة طريق من غير العرصة ففي وجوب الشفعة في العرصة ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه لا شفعة فيها وهو الظاهر من مذهب الشافعي رضي الله عنه ؛ لأن ما لا تستغني الدار عنه فهو من مرافقها التي لا يصح إفراده عنها ، ولأنه لا يجوز أن يزال الضرر عن الشركاء بإدخال ما هو أعظم منه على المشتري .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن الشفعة واجبة في العرصة ويبطل استطراق المشتري فيها ؛ لأنه دخل على علم واختيار فصار هو المضر بنفسه .
والوجه الثالث : أن الشفعة في العرصة واجبة وحق الاستطراق فيها ثابت بغير ملك في التربة لزوال الضرر عن الفريقين ، وعلى الوجه الذي قبله يكون البيع جائزا ، فعلى هذا لو أخذت حصة الدار من العرصة بالشفعة واستحق المشتري الاستطراق إلى داره في العرصة نظر في أخذ الحصة فإن أخذها جميع الشركاء في العرصة فله حق الاستطراق على جميعهم حتى لو اقتسموا كان له أن يستطرق حصة من شاء منهم وإن أخذ الحصة أحدهم ففيه وجهان :
أحدهما : أنه لم يستحق الاستطراق في حصة غير الآخذ منه بالشفعة دون غيره من الشركاء حتى لو اقتسموا لم يكن له استطراق حصة غيره ولأن طريق الدار صار في حصته .
والوجه الثاني : أنه يستحق الاستطراق على جميعهم ؛ لأن حقه منفعة شائعة في جميع العرصة فلم يصح إجارتها بالقسمة ، والله أعلم .