[ ص: 4 ] فصل : فإذا تقرر وجوب الصلاة فأول ما فرض الله سبحانه على نبيه بقوله قيام الليل ياأيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا [ المزمل : 1 ]
والمزمل : الملتف . وفيه تأويلان : يا أيها المزمل بثيابه متأهب للصلاة وهذا قول قتادة
والثاني : يا أيها المزمل بالنبوة والرسالة وهذا قول عكرمة
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من قيام شهر رمضان ، وعلم به قوم من المسلمين ، فقاموا معه حتى انتفخت أقدامهم ، وشق عليهم ، فروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج كالمغضب وخشي أن يكتب عليهم قيام الليل فقال : ثم نسخ ذلك يا أيها الناس اكلفوا من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله تعالى لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل ، وخير العمل ما ديم عليه
قال ابن عباس : نسخ بقوله تعالى : علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن [ المزمل : 20 ] . قال : وكان بين أولها وآخرها سنة .
قال الشافعي : وقيل : إنه نسخ بقوله تعالى : ومن الليل فتهجد به نافلة لك [ الإسراء : 179 ] . فلما نسخ قيام الليل فرض الله تعالى الصلوات الخمس في اليوم والليلة . وذلك على ما حكى في شوال قبل الهجرة بستة عشر شهرا
فروى الشافعي عن مالك ، عن عمه أبي سهيل بن مالك ، عن أبيه ، عن طلحة بن عبيد الله قال : أهل نجد ثابر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفهم ما يقول ، حتى دنا ، فإذا هو يسأل عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس صلوات في اليوم والليلة فقال : هل علي غير هذا ؟ فقال : لا إلا أن تطوع وروى جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من خالد بن قيس عن قتادة ، عن أنس قال : قال رجل : يا رسول الله ، كم افترض الله على عباده من الصلوات . قال : خمس صلوات . قال : هل قبلهن أو بعدهن شيء ؟ قال افترض الله على عباده صلوات خمسا . فحلف الرجل لا يزيد عليهن ولا ينقص منهن . فقال صلى الله عليه وسلم : إن صدق دخل الجنة
[ ص: 5 ] وروى ابن محيريز عن المخدجي ، عن عبادة بن الصامت قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : خمس صلوات كتبهن الله تعالى على عباده ، فمن أتى بهن ولم ينقص منهن شيئا فإن الله جاعل له عهدا يوم القيامة أن يدخله الجنة