فصل : فأما : لأن في الهبة عقدا بالقول يفتقر إلى بدل وقبول ، وليس في الهبة عقد يفتقر إلى بدل وقبول ، بل إذا دفعها المهدي إلى المهدى إليه فقبلها منه بالرضا والعقد فقد ملكها ، وهكذا لو أرسلها المهدي مع رسوله جاز للمهدى إليه إذا وقع في نفسه صدق الرسول أن يقبلها ، فإذا أخذها من الرسول ، أو أذن لغلامه في أخذها من الرسول ، أو قال للرسول : ضعها موضعها ، استقر ملك المهدى إليه الهبة ، فلو قال المرسل : لم أنفذها هدية وكذب الرسول بل أنفذتها وديعة ، فالقول قوله مع يمينه وهي باقية على ملكه ، والهدايا تختص بالمأكولات وما أشبهها ، والهبات فيما زاد عليها ، والعرف في ذلك قوى شاهد وأظهر دليل ، فإن كانت الهدية في طرف فإن كان الطرف مما لم تجريه العادة باسترجاعه مثل قواصر التمر والفواكه وقوارير ماء الورد والأزهار إذا كانت سقفا فهي مملوكة مع الهدية : لأن العرف لم يجر باسترجاعها ، وإن كانت الطروف كالطيافير المدهونة ، والفضار ، والزجاج المحكم ، وما شاكله مما جرى العرف باسترجاعه فهو غير مملوك مع الهدية ، وللمهدي بعد إرسال الهدية أن يسترجعها ما لم تصل إلى المهدى إليه ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجعت إليه هديته إلى النجاشي قبل وصولها إليه فملكها . الهدايا فهي مخالفة للهبات في حكمها