أحدها : في مدة التعريف .
والثاني : في مكان التعريف .
والثالث : في صفة التعريف . فأما فمذهب مدة التعريف الشافعي وأبي حنيفة ومالك وجمهور الفقهاء أنه يعرفها حولا كاملا ، ولا يلزمه الزيادة عليه ، ولا يجزئه النقصان عنه ، وقال شاذ من الفقهاء : يلزمه أن يعرفها ثلاثة أحوال ، لا يجزيه أقل منها : استدلالا بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال أنه أمر واجد اللقطة أن يعرفها حولا ، ثم عاد إليه فأمره أن يعرفها حولا أحمد بن حنبل : عليه تعريفها شهرا واحدا ، وروى في ذلك خبرا . وقال آخر : يعرفها ثلاثة أيام استدلالا بحديث علي - عليه السلام - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بتعريفها ثلاثا ، والدليل على وجوب تعريفها حولا حديث زيد بن خالد الجهني ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ، وحدثنا اعرف عفاصها ووكاءها ، ثم عرفها سنة ، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها أبي بن كعب . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بتعريفها حولا
[ ص: 13 ] ولأن ، فكان أولى أن يكون معتبرا في اللقطة ، ولأن الحول جميع فصول الأزمنة الأربعة وينتهي إلى مثل زمان وجودها ، فكان الاقتصار على ما دونه تقصيرا والزيادة عليه مشقة ، فأما الاستدلال الأول بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يعرفها حولا ، ثم حولا ، ثم حولا ، فعنه جوابان : الحول في الشرع أصل معتبر في الزكاة والحرية
أحدهما : أنه محمول على من اختار ذلك فسأله عن الجواز دون الوجوب . والثاني : يحمل على أنه أمره ثلاث مرات أن يعرفها حولا ، فكان الحول واحدا والأمر به ثلاثا .
وأما استدلال أحمد على الشهر بالخبر الذي رواه عنه فمحمول على من بقي من حوله شهر ، وأما من استدل بأنه أمر عليا - عليه السلام - بأن يعرفه ثلاثا ، فعنه جوابان :
أحدهما : حمله على الأمر ثلاثا بالتعريف على ما تقدم .
والثاني : أنه أمره بتعريفه بنفسه ثلاثا ليستكمل غيره مدة التعريف .
والثالث : أنه يجوز أن يكون علم من ضرورته ما أباح له ذلك قبل بلوغ أجله ، فإن للمضطر أن يستبيح من مال غيره ما يدفع به ضرورة وقته ، وذلك ظاهر من قول بعض الشعراء حيث قال :
إذا صادف الملك دينار وقد حلت له عند الضرورات اللقط دينارك الله تولى نقشه
كذلك الحنطة من خير الحنط
فإذا وجب تعريفها حولا بما ذكرنا ، فأول ، وليس عليه أن يستديم تعريفها في جميع نهاره ، ولكن عليه أن يشيع أمرها في كل يوم بالنداء عليها مرتين أو ثلاثا ، لا سيما في ابتداء الأمر وأوله ، ثم يصير التعريف في كل أسبوع مرتين أو ثلاثا حتى يصير في الأسبوع مرة لا يقصر عنها ، فلو عرفها ستة أشهر ثم أمسك عن تعريفها ستة أشهر ، فهو غير مستوف لمدة التعريف وعليه أن يعرفها ستة أشهر أخرى ليستكمل الحول في تعريفها ، ثم ينظر حاله عند إمساكه لها بعد ستة أشهر من تعريفها ، فإن كان قد نوى تملكها فقد ضمنها ولا يصير مالكا لها ، وإن لم ينو تملكها فهل يصير ضامنا لها أم لا ؟ على وجهين : أحدهما قد ضمنها : لأن إمساكه عن التعريف تقصير ، والثاني لا يضمنها : لأن إتيانه بالتعريف يوجب عليه استيفاء جميعه ولا يكون ذلك تقصيرا ، وهذا قول وقت الحول من ابتداء التعريف لا من وقت الوجود المزني .