فصل : فأما  مكان التعريف   ففي مجامع الناس ومحافلهم من البلد الذي وجدها فيه ، وإن وجدها واجدها في صحراء قفر أو على جادتها من البلاد المقاربة لها ، وليكن تعريفها على أبواب المساجد ، فقد سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم رجلا ينشد ضالته في المسجد فقال :  أيها الناشد غيرك الواجد  ، وليكثر من تعريفها في محاط الرجال ومناخ الأسفار وفي الأسواق ، فأما الضواحي الخالية فلا يكون إنشادها فيه تعريفا .  
وروى  المزني   عن  الشافعي   أنه قال : ويكون أكثر تعريفها في الجمعة التي أصابها فيه .  
وروى  الربيع   عن أنه قال في الجماعة التي أصابها فيها ، فكان بعض أصحابنا ينسب  المزني    [ ص: 14 ] إلى الغلط في روايته وأن الأصح رواية  الربيع      : لأن الجمعة وغيرها من الأيام في التعريف سواء ، وإنما يؤمر بتعريفها في الجماعة التي أصابها فيه : لأن من ضاع منه شيء في جماعة فالأغلب أنه يلازم طلبه في تلك الجماعة . وقال سائر أصحابنا : إن كلا الروايتين صحيحة ولهم في استعمال رواية  المزني   جوابان :  
أحدهما : وهو قول  أبي إسحاق المروزي      : أنه إنما  خص يوم الجمعة بكثرة التعريف   فيه على سائر الأيام : لاجتماع الأباعد فيه وإشهار ما يكون فيه .  
والثاني : أن رواية  المزني   محمولة على أن الواجد أصابها يوم الجمعة ، فيكون أكثر تعريفه لها يوم الجمعة : لأنها ربما سقطت ممن كان خارج المصر الذي لا يأتيه إلا في كل جمعة ، ورواية  الربيع   محمولة على أنه وجدها في جماعة ، فيكون أكثر تعريفه لها في تلك الجماعة : لأنها الأغلب من بقاع طالبها .  
				
						
						
