مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " والجناية عليه على عاقلة الجاني ، فإن قتل عمدا فللإمام القود أو العقل ، وإن كان جرحا حبس له الجارح حتى يبلغ فيختار القود أو الأرش ، فإن كان معتوها فقيرا أحببت للإمام أن يأخذ الأرش وينفقه عليه " .
قال الماوردي : وهذا كما قال . لا يخلو حال من أن تكون عمدا أو خطأ ، فإن كانت خطأ فهي على عاقلة الجاني في نفس كانت أو طرف ، وديته دية حر مسلم ما كان على حاله ، اعتبارا بالأغلب من حكم الدار في الحرية والإسلام ، وإن كانت عمدا فضربان : في نفس ، أو طرف ، فإن كانت في نفس استحق فيها دية حر مسلم ، وفي استحقاق القود إن كان القاتل حرا مسلما قولان ، أصحهما عليه القود اعتبارا بالأغلب من حاله وحال الدية في قتله . والقول الثاني لا قود : لأنه حد يدرأ بالشبهة . الجناية على اللقيط
وكان بعض أصحابنا يحمل اختلاف هذين القولين على اختلاف حالين فيقول : إن كان قتله قبل البلوغ وجب القود على قاتله ، وإن كان بعد البلوغ فلا يجب : لأنه يقدر على إظهار حاله ، وهذا الفرق مسلوب المعنى : لأنه إن اعتبر حال الشبهة ففي الحالين ، وإن اعتبر حال الظاهر ففي الحالين ، فلم يكن للفرق بينهما وجه ، فإن قلنا بإسقاط القود أخذت الدية لبيت المال ، وإن قلنا بوجوب القود كان للإمام عن كافة المسلمين مخيرا فيما يراه أصلح لجماعتهم من القود لئلا يسرع الناس إلى قتل النفوس وأخذ الدية .