مسألة : قال المزني : قال الشافعي : " في القديم يزيد في أذان الصبح التثويب ، وهو " الصلاة خير من النوم " مرتين ، ورواه عن بلال مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم وعن علي ، رضي الله عنه ، وكرهه في الجديد لأن أبا محذورة لم يحكه عن النبي صلى الله عليه وسلم . ( قال المزني ) : وقياس قوليه أن الزيادة أولى به في الأخبار كما أخذ في التشهد بالزيادة ، وفي دخول النبي صلى الله عليه وسلم البيت بزيادة أنه صلى فيه وترك من قال لم يفعل "
قال الماوردي : أما فهو [ قول المؤذن ] ، بعد قوله : " حي على الفلاح " ، " الصلاة خير من النوم " . سمي تثويبا من قولهم ثاب فلان إلى كذا أي : رجع إليه لأن المؤذن قد رجع إلى دعاء الناس بعد قوله حي على الفلاح قال الله تعالى التثويب وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا [ البقرة : 125 ] ، أي : رجعا لهم . فذهب الشافعي في القديم ، إلى أن التثويب سنة في صلاة الصبح ، وقال في الجديد : ليس بسنة ، لأن أبا محذورة لم يحكه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما روي عن ابن عمر أنه دخل مسجدا فسمع تثويب المؤذن ، فقال لمن معه : أخرجنا من هذه البدعة ، واعتبارا بهذه الصلوات ، ومذهبه في القديم أصح ، لأن من قوله إن ما ثبتت الرواية به عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو أول راجع إليه وآخذ به ، وقد ثبتت الرواية بالتثويب من جهات : منها رواية أبي هريرة قال : بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الصبح ، فقيل هو نائم . فقال : الصلاة خير من النوم ، وعاد يؤذن وزاد في أذانه : الصلاة خير من النوم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما الذي زدت في أذانك . قال : الصلاة خير من النوم ظننتك يا رسول الله قد ثقلت عن الصلاة . قال : " زدها في أذانك جاء
ومنها رواية إبراهيم بن إسماعيل عن عبد الله بن أبي محذورة ، عن جده عبد الملك بن أبي محذورة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ألقى عليه الأذان قال : " تقول في الفجر الصلاة خير من النوم
[ ص: 56 ] ومنها رواية سويد بن غفلة قال : " أمر بلال أن يثوب في أذان الصبح ولا يثوب في غيره .
ومنها رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال أنه قال : . فثبت بهذه الأخبار سنة أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أثوب في أذان الصبح ونهاني أن أثوب في غيره فأما التثويب في أذان الصبح ، ابن عمر فإنما أنكر التثويب في أذان الصبح وذاك بدعة ، وأما سائر الصلوات فقد كان إبراهيم النخعي يذهب إلى أن التثويب فيها سنة كالصبح ، وهذا خطأ بنص السنة التي رويناها عن سويد ، وابن أبي ليلى ، ثم طريق المعنى : أن الصبح إنما يثوب فيها لكون الناس نياما عند دخول وقتها والأذان لها ، وسائر الصلوات تدخل أوقاتها والناس مستيقظون فلم يثوب لها