فصل : وأما تمييز فروعه فلأن النماء مال مقصود ، فلم يجز أن يفوته على اليتيم كالأصول وهو نوعان :
أحدهما : ما كان نماؤه أعيانا من ذاته ، كالثمار والنتاج ، فعليه في ذلك ما عاد يحفظه وزيادته ، كتلقيح النخل وعلوفة الماشية .
فإن أخل بعلوفة الماشية ، ضمنها وجها واحدا ، وإن أخل بتلقيح الثمرة ، فلا ضمان عليه وجها واحدا ؛ [ ص: 345 ] لأنها إن لم تتميز ، فلا يجوز أن يضمن ما لم يخلق ولم يستقر عليه لليتيم ملك ، وإن خلقت ناقصة فالنقصان أيضا مما لم يخلق .
والنوع الثاني : ما كان نماؤه بالعمل . وذلك نوعان : أحدهما : تجارة بمال ، والثاني : استغلال العقار .
فأما التجارة بالمال فيعتبر فيها ، أربعة شروط ، يؤخذ الولي بها في التجارة :
أحدها : أن يكون ماله ناضا ، فإن كان عقارا لم يجز بيعه للتجارة .
والثاني : أن يكون الزمان آمنا ، فإن كان مخوفا لم يجز .
والثالث : أن يكون السلطان عادلا ، فإن كان جائرا لم يجز .
والرابع : أن تكون المتاجر مربحة ، فإن كانت مخسرة لم يجز .
فإن استكمل هذه الشروط ، كان مندوبا إلى التجارة له بالمال ، فلو لم يتجر بها لم يضمن لأمرين :
أحدهما : أنه لم يستقر له ملك على ربح معلوم فيصح ضمانه .
والثاني : أن ربح التجارة بالعقد والمال تبع ، ولذلك جعلنا ربح الغاصب في المال المغصوب له دون المغصوب منه .
فإن اتجر الولي بالمال مع إخلاله ببعض هذه الشروط ، كان ضامنا لما تلف من أصل المال .
وأما استغلال العقار ، فإنما يكون بإجارته ، فإن تركه عاطلا لم يؤجره ، فقد أثم وفي ضمانه لأجرة مثله إذا كان غير معذور في تعطيله وجهان ؛ لأن منافعه تملك كالأعيان .