[ ص: 355 ] كتاب الوديعة
قال الشافعي - رحمه الله - : " وإذا برا أو بحرا ضمن " . أودع رجل وديعة فأراد سفرا فلم يثق بأحد يجعلها عنده فسافر بها
قال الماوردي : أما استيداع الودائع فمن التعاون المأمور به والإرفاق المندوب إليه ، قال الله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى [ المائدة : 2 ] .
وقال الله تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها [ النساء : 58 ] . وقال تعالى : فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته [ البقرة : 283 ] . وقال سبحانه وتعالى : ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما [ آل عمران : 175 ] .
وروى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : . أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك
وروى أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : . تقبلوا إلي بست أتقبل بالجنة ، قالوا : وما هي يا رسول الله ؟ قال : إذا حدث أحدكم فلا يكذب ، وإذا اؤتمن فلا يخن ، وإذا وعد فلا يخلف ، وغضوا أبصاركم ، واحفظوا فروجكم ، وكفوا أيديكم
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : . على اليد ما أخذت حتى تؤديه
وقد استودع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودائع القوم وكان يسمى في الجاهلية لقيامه بها محمدا الأمين ، فلما أراد الهجرة إلى المدينة تركها عند أم أيمن - رضي الله عنها - وخلف عليا - عليه [ ص: 356 ] السلام - لردها على أهلها ، ولأن بالناس إلى التعاون بها حاجة ماسة وضرورة داعية لعوارض الزمان المانعة من القيام على الأموال ، فلو تمانع الناس فيها لاستضروا وتقاطعوا .