مسألة : قال الشافعي : " وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم دلالة على الفرق بين الثيب والبكر في أمرين ، أحدهما : أن إذن البكر الصمت والتي تخالفها الكلام ، والآخر : أن أمرهما في ولاية أنفسهما مختلف ، فولاية الثيب أنها أحق من الولي ، والولي هاهنا الأب - والله أعلم - دون الأولياء " . الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها
قال الماوردي : وهذا كما قال .
قد ذكرنا أن المراد بالأيم هاهنا الثيب لما قدمنا ، وإذا كان كذلك فقد استدل الشافعي بهذا الخبر على في كلمتين : الفرق بين البكر والثيب
[ ص: 52 ] إحداهما : الفرق بينهما في صفة الإذن .
والثاني : الفرق بينهما في الإجبار على العقد ، ونحن نقدم الكلام في الإجبار على العقد : لأنه أصل لم يعقبه بصفة الإذن في موضعه ، فنقول : النساء ضربان : أبكار ، وثيب .
فأما الثيب فيأتي حكمهن .
وأما الأبكار فلهن حالتان : حالة مع الأباء ، وحالة مع غيرهم من الأولياء .
فأما حالهن مع الآباء فهن ضربان : صغار ، وكبار .
فأما صغار الأبكار فللآباء إجبارهن على النكاح فيزوج الأب ابنته البكر الصغيرة من غير أن يراعي فيه اختيارها ، ويكون العقد لازما لها في صغرها وبعد كبرها ، وكذلك الجد وإن علا يقوم في تزويج البكر الصغيرة مقام الأب إذا فقد الأب .
والدليل عليه - وإن كان وفاقا - قوله تعالى : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن [ الطلاق : 4 ] يعني الصغار ، والصغيرة تجب العدة عليها من طلاق الزوج ، فدل على جواز العقد عليها في الصغر .
وروي عن عائشة أنها قالت : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة سبع ، ودخل بي وأنا ابنة تسع ، ومات عني وأنا ابنة ثماني عشر .