مسألة : قال الشافعي : فإن طلقها والنخل مطلعة ، فأراد أخذ نصفها بالطلع لم يكن له ذلك ، وكانت كالجارية الحبلى والشاة الماخض ، ومخالفة لهما في أن الإطلاع لا يكون مغيرا للنخل عن حالها ، فإن شاءت أن تدفع إليه نصفها فليس له إلا ذلك " .
قال الماوردي : وصورتها : في ، فالثمرة زيادة اختلف أصحابنا فيها ، هل تجري في الصداق مجرى الزيادة المتميزة أم لا ؟ على ثلاثة أوجه : رجل أصدق امرأة نخلا وطلقها قبل الدخول وقد أثمرت
أحدها : أنها زيادة متميزة كالولد ، سواء كانت مؤبرة أو غير مؤبرة ؛ لإمكان قطعها عن الأصل وجواز إفرادها بالعقد .
والوجه الثاني : أنها زيادة غير متميزة في حكم الصداق سواء كانت مؤبرة أو غير مؤبرة ؛ لاتصالها بالأصل ، فجرت مجرى الحمل .
والوجه الثالث : أنها إن كانت مؤبرة فهي متميزة كالولد ؛ لأنها لا تتبع الأصل في البيع ، وإن كانت في طلعها غير مؤبرة فهي غير متميزة كالحمل ؛ لأنها تتبع الأصل في البيع .
فإذا تقررت هذه الوجوه الثلاثة ، فالثمرة للزوجة على جميع أحوالها ؛ لحدوثها في ملكها ، ولها استيفاء النخل على ملكها ، لاستصلاح ثمرتها وتكاملها ، ويصير حق الزوج في قيمة النخل ، فيدفع إليه نصف قيمتها أقل ما كانت النخل قيمة من حين أصدق إلى أن سلم .
[ أحوال بذل المرأة نصف النخل المثمر لزوجها ]
فإذا كان كذلك فلها أربعة أحوال : فالحالة الأولى .
[ إيضاح الحالة الأولى ]
أن . تبذل له نصف النخل مع نصف الثمرة
[ ص: 440 ] فإن قبلها جاز ثم ينظر ؛ فإن جعلنا الثمرة زائدة غير متميزة كان بذل الزوجة لها عفوا عنها ، فلا يراعى فيه لفظ الهبة ولا القبض .
وإن جعلناها زيادة متميزة فهل يجري عليها حكم العفو أو حكم الهبة ؟ على وجهين :
أحدهما : حكم الهبة ، ولا تتم إلا بالقبض ؛ لأنها بالتمييز كالولد الذي لو بذلت نصفه للزوج مع نصف أمة ، كانت هبة لا تتم إلا بالقبض .
والوجه الثاني : أنه يجري عليها حكم العفو ، وتتم بغير قبض بخلاف الولد ؛ لأن المقصود ببذلها إيصال الزوج إلى حقه من النخل الذي لا يقدر عليه إلا بها ، وخالف الولد ؛ لأنه يقدر على الرجوع بالأم دونه .
وإن امتنع الزوج من قبول الثمرة ففي إجباره على القبول ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه يجبر على القبول ، سواء قيل إن الثمرة متميزة ، أو غير متميزة ؛ لأنه منع من النخل في حق الزوجة لدفع الضرر عنها في الثمرة ، فإذا صارت إليه فلا ضرر عليها .
والوجه الثاني : أنه لا يجبر على القبول ، سواء قيل إن الثمرة زائدة متميزة أو غير متميزة ؛ لأن حقه صار في القيمة ، فلم يكن لها أن تعدل به إلى العين .
والوجه الثالث - وهو أصح - : أن إجباره معتبر بحكم الثمرة .
فإن قيل : إنها زيادة متميزة لم يجبر على القبول كالولد ، وله أن يعدل إلى نصف قيمة النخل .
وإن قيل : إنها زيادة غير متميزة كالسمن ، أجبر على القبول ، ولم يكن له أن يعدل إلى نصف القيمة .