مسألة : قال الشافعي : " وإذا لم يكن له أن يجيز النكاح ، وإن أصابها فلا صداق لها ولا شيء تستحل به ؛ إذا كنت لا أجعل عليه في سلعة يشتريها فيتلفها شيئا ، لم أجعل عليه بالإصابة شيئا " . تزوج المولي عليه بغير أمر وليه
قال الماوردي : قد ذكرنا أن المولي بالسفه لا يجوز أن يتزوج بغير إذن وليه ؛ لأن وقوع الحجر عليه قد منعه من التصرف في العقود ، فإن تزوج فالنكاح باطل ، فإن لم يدخل بها فرق بينهما ، ولا أرش عليه ، وإن دخل بها فلا حد عليه لمكان الشبهة ، فإن جاءت بولد لحق به .
فأما المهر ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون قد أكرهها على نفسها فعليه مهر مثلها ؛ لأن إكراهه لها كالجناية منه يضمن بها .
[ ص: 471 ] والضرب الثاني : أن تطاوعه من غير إكراه ، ففي وجوب المهر عليه قولان :
أحدهما - وهو المنصوص عليه في هذا الموضع - : أنه لا مهر عليه ؛ لأن الحجر قد أبطل ذمته في الحقوق كما لو اشترى سلعة واستهلكها لم يضمن قيمتها .
والقول الثاني - قاله في القديم - : أن عليه مهر مثلها ؛ لأن البضع لا ينتهك إلا بمهر في الشبهة أو حد في الزنا ، فلما سقط الحد وجب المهر وخالف السلع في البيوع ؛ لأنها تملك بالإباحة ، ولا يملك البضع بالإباحة .
فإذا تقرر هذان القولان . فقد اختلف أصحابنا في موضع القولين .
فذهب البصريون منهم إلى أنهما مع جهلهما بسفهه ، وثبوت حجره ، فإن وجوب مهرها عليه يكون على قولين ، فأما إذا كانت عالمة بسفهه وحجره فلا مهر لها عليه قولا واحدا ؛ لأن في تمكينها مع العلم بحاله إبراء له .
وقال البغداديون منهم : بل القولان مع العلم بحاله مع الجهل بها في أن مهرها على قولين ؛ لأنه غرم يعتبر بفعله ، فعلى هذا إن أوجبنا عليه المهر أخذ من ماله في الحال ، ولم ينظر به فكاك الحجر إلا أن يكون معسرا فينظر به إلى وقت يساره ، وإن أسقطنا عليه المهر فلا شيء عليه في الحال ، ولا بعد فكاك حجره في الحكم .
وهل عليه فيما بينه وبين الله تعالى بعد فكاك حجره أن يدفع إليها ما يصير البضع مستباحا به أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا شيء عليه ؛ لأنه فعل ظاهر ، فإذا لم يلزمه به حق في الظاهر ، لم يلزمه في الباطن .
والوجه الثاني : عليه فيما بينه وبين الله تعالى ما يستحل به البضع ؛ لئلا يكون مستبيحا لبضعها بغير بذل ، فعلى هذا فيما يلزمه وجهان :
أحدهما : مهر مثلها ؛ لأنه قيمة مستهلك عليها .
والوجه الثاني : أن يستطيب نفسها بما يصير البضع مستباحا به من غير تقدير مهر المثل ما لم يزد على مهر المثل ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : . ولئلا يشارك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما خص به من استباحة الموهوبة بغير مهر ، والله أعلم . فلها المهر بما استحل من فرجها