[ القول في مهر المفوضة بعد الدخول ]
مسألة : قال الشافعي : " فإن أصابها فلها مهر مثلها " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، فلها مهر المثل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : المفوضة لنكاحها إذا وطئها الزوج ولتخرج بالتزام المهر مما خص به [ ص: 475 ] نبي الله من نكاح الموهوبة بغير مهر ، ومن حكم الزنا الذي لا يستحق فيه مهر ، فإن قيل : فهلا كان التفويض إبراء من المهر ، فلا يجب لها بالدخول مهر ؟ . فلها المهر بما استحل من فرجها
قيل : الإبراء إنما يصح مما وجب ، وهذا مهر وجب بالدخول ، فلم يصح الإبراء منه بالعقد .
فإن قيل : أفليس لو بذلت له يدها فقطعها لم يلزمه ديتها ، وهو إبراء قبل الوجوب ، فهلا إذا بذلت له بضعها صح أن يكون إبراء قبل الوجوب ؟ .
قيل : الفرق بينهما أن إذنها بقطع اليد نيابة عنها ؛ لأنه يصح منها أن تتولى قطع يدها بنفسها ، فصارت كالقاطعة ليدها بنفسها ، فلذلك سقط عنه الغرم ، وليس البضع كذلك ؛ لأنه لا يصح منها الاستمتاع ببضع نفسها ، فصار الزوج مستمتعا به في حق نفسه لا في حقها ، فلذلك لم يبرأ بالإذن من مهرها .
فإن قيل : فهلا وجب بهذا التعليل مهر الزانية على الزاني ؟ .
قيل : لأن الزنا مغلظ بالحد ؛ ليكون زاجرا عنه فغلظ بسقوط المهر ، ولو وجب لها المهر بالزنا لدعاها ذلك لفعل الزنا ، فحسمت هذه الذريعة بسقوط المهر ، كما حسمت بوجوب الحد .