مسألة : قال الشافعي : " وإن لم يصبها حتى طلقها ، فلها المتعة ، وقال في القديم : بدلا من العقدة " .
قال الماوردي : وهذا كما قال : ، فلا مهر لها ، لسقوطه بالعقد وهو اتفاق ، ولها المتعة عندنا . المفوضة لبضعها إذا طلقها الزوج قبل الدخول
وبه قال الأوزاعي ، وحماد بن أبي سليمان ، وأبو حنيفة ، وصاحباه .
وقال مالك : لا متعة لها ، وبه قال شريح ، والليث بن سعد ، وابن أبي ليلى ، والحكم ؛ استدلالا بقول الله تعالى : وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين [ البقرة : 241 ] . فلما جعله بالمعروف على المتقين ، وقال في موضع آخر : على المحسنين [ البقرة : 236 ] . دل على استحبابه دون وجوبه .
ولأن ما وقعت به الفرقة لم يجب به المتعة كالموت ، ولأن الطلاق مؤثر في سقوط المال دون إلزامه ، كالمسمى لها إذا طلقت قبل الدخول بها .
ودليلنا : قول الله تعالى : ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين [ البقرة : 236 ] .
إحداهن : قوله : " ومتعوهن " وهذا أمر يقتضي الوجوب .
والثانية : قوله : على الموسع قدره وعلى المقتر قدره وذلك في الواجبات دون التطوع .
[ ص: 476 ] والثالثة : قوله حقا والحقوق ما وجبت .
والرابعة : قوله على المحسنين و ( على ) من حروف الإلزام . وقال تعالى : وللمطلقات متاع بالمعروف ، فجعل ذلك لهن بلام التمليك فدل على استحقاقهن له ، ثم قال : بالمعروف فقدره . وما لا يجب فليس بمقدر ، ثم جعله حقا على المتقين فدل على أن من منع فليس بمتق .
فإن قيل : فلم خص المتقين بالذكر ، وهو على المتقين وعلى غيرهم .
قيل : عنه جوابان :
أحدهما : أنه خصهم بالذكر تشريفا ، وإن كان عام الوجوب ، كما قال : هدى للمتقين [ البقرة : 2 ] .
والثاني : ما حكاه ابن زيد ، أن لنزول هذه الآية سببا وهو أنه لما قال : حقا على المحسنين قال رجل : فإن أحسنت فعلت ، وإن لم أرد أن أحسن لم أفعل ، فأنزل الله تعالى : وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ، ولأن بوجوب المتعة قال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، وليس يعرف لهما في الصحابة مخالف ، فصار إجماعا .
ولأن وقوع الفرقة بالطلاق يمنع من خلو النكاح من بدل كذات المهر .
فأما قياسهم على الموت : فالمعنى في الميتة أنه لم يخل نكاحها من بدل ، فلذلك خلا من متعة ، وليس كذلك المطلقة .
وأما قولهم إن تأثير الطلاق سقوط المال فذاك في ذات المهر ، فأما في غيرها فتأثيره ثبوت المال .