[ ص: 530 ] باب الحكم في الدخول ، وإغلاق الباب ، وإرخاء الستر ، من الجامع ، ومن كتاب عشرة النساء ، ومن كتاب الطلاق القديم
قال الشافعي - رحمه الله - : " ، فإن كان كله دينا فله الدخول بها " . وليس له الدخول بها حتى يعطيها المال
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا ، لم يخل حاله من ثلاثة أقسام : امتنعت المرأة من تسليم نفسها لقبض صداقها
أحدها : أن يكون جميعه حالا .
والثاني : أن يكون جميعه مؤجلا .
والثالث : أن يكون بعضه حالا ، وبعضه مؤجلا .
فأما القسم الأول : وهو أن يكون جميعه حالا ؛ إما بإطلاق العقد أو بالشرط ، فيكون حالا بالعقد ، والشرط تأكيد ، فلها أن تمتنع من تسليم نفسها على قبض صداقها ، كما كان لبائع السلعة أن يمتنع من تسليمها على قبض ثمنها .
فإن ، فهذا على ضربين : تطوعت بتسليم نفسها قبل قبض الصداق ، ثم أرادت بعد التسليم أن تمتنع عليه لقبض الصداق
الضرب الأول : ألا يكون قد وطئها ، فلها أن تمتنع عليه ، وإن سلمت نفسها إليه إذا لم يكن قد وطئها ؛ لأن القبض في النكاح يكون بالوطء الذي يستقر به كمال المهر دون التسليم ، وهذا متفق عليه .
والضرب الثاني : أن يكون قد وطئها بعد التسليم ، فليس لها عندنا أن تمتنع عليه .
وقال أبو حنيفة : لها الامتناع بعد الوطء ، كما كان لها الامتناع قبله ؛ احتجاجا بأن الصداق في مقابلة كل وطء في النكاح لأمرين :
أحدهما : أنه لو كان في مقابلة الأول ، لوجب للثاني مهر آخر .
والثاني : أنه لو كان في مقابلة الأول ، لجاز لها أن تمنعه نفسها بعد الأول لاستيفاء حقه به .
[ ص: 531 ] وإذا ثبت بهذين أنه في مقابلة كل وطء ، لم يكن تسليمها لبعض الحق مسقطا لحقها في منع ما بقي ، كمن باع عشرة أثواب ، فسلم أحدها قبل قبض الثمن كان له حبس باقيها ، كذلك هاهنا .
قال : ولأنها لم تستوف مهرها مع استحقاق المطالبة ، فجاز لها أن تمتنع من تسليم نفسها قياسا على ما قبل الوطء .
ودليلنا : هو أنه تسليم رضا استقر به العوض ، فوجب أن يسقط به حق الإمساك قياسا على تسليم المبيع ، ولأن أحكام العقد إذا تعلقت بالوطء اختصت بالوطء الأول ، وكان ما بعده تبعا ، وقد رفع الوطء الأول حكم الإمساك في حقه ، فوجب أن يرفعه في حق تبعه كالإحلال .
فأما استدلالهم بأن المهر في مقابلة كل وطء : فنقول : قد استبيح به كل وطء ، لكنه قد استقر بالوطء الأول ، فقام فيه مقام كل وطء ، ألا تراها لو ارتدت بعد الوطء الأول لم يؤثر في سقوط المهر ، وإن لم يستوف كل وطء في النكاح ، ولو عادت إلى الإسلام حل له وطؤها بالمهر المتقدم .
وأما قياسهم على ما قبل الوطء الأول : فالمعنى في الأصل أنها لم تسلم ما استقر به المهر ، فجرى مجرى البيع قبل التسليم ، وليس كذلك بعد الوطء ؛ لأنها قد سلمت ما استقر به المهر ، فجرى مجرى المبيع بعد التسليم .