مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويصلي في الكعبة الفريضة والنافلة " قال الماوردي : وهذا صحيح ، وبه قال أبو حنيفة ، قال ابن عمر : لا يصلي في الكعبة فرضا ، ولا نفلا ، وبه قال ابن جرير الطبري ، وقال مالك بن أنس : لا يجوز أن يصلي الفريضة ، والوتر ، ويجوز أن يصلي النافلة ، واستدلوا بقوله تعالى : وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره [ البقرة : 144 ] وإذا صلى فيه لم يقدر على التوجه إليه ، ولرواية صهيب بن سنان الرومي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل البيت فلم يصل فيه .
وروى أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت ، ووقف على الباب وصلى وقال : هذه القبلة ، ولأنه حول ظهره لشيء من الكعبة فوجب أن لا تصح صلاته .
أصله : إذا صلى فيها متوجها إلى الباب ، والدلالة على جواز صلاة الفرض فيها قوله تعالى : وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود [ الحج : 26 ] ، فإن قيل : المراد بذلك خارج البيت ، لأن الطواف لا يكون في البيت قيل : الآية عامة ، وتخصيص بعضها بالحكم لا يدل على تخصيص جميعها ، لأن الاقتران في اللفظ لا يدل على الاقتران في الحكم ، فإن قيل : فلم لا منعتم الصلاة في البيت كما منعتم من الطواف فيه ، أو جوزتم الطواف فيه كما جوزتم الصلاة فيه ، قيل : لأن الطواف يستغرق جميع البيت فإذا أوقعه فيه لم يستغرق جميعه ، والصلاة تفتقر إلى جزء من البيت فإذا صلى فيه فقد صلى إلى جزء منه وهو الحائط .
وروى بلال ، وجابر ، وابن عباس ، وأنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل البيت وصلى ركعتين .
وروي أنه صلى بين العمودين .
وروي عن عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت : يا رسول الله ، إني نذرت أن أصلي في البيت فلم يفتح لي الباب فقال صلى الله عليه وسلم : " صلي في الحجر ، فإن الحجر من البيت ولأنه مستقبل بجميع بدنه شيئا من البيت فوجب أن تصح صلاته .
أصله إذا صلى خارج البيت فأما تعلقهم بقوله تعالى : وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره [ البقرة : 144 ] .
[ ص: 207 ] فالمراد به نحوه ، ومن صلى في البيت فقد توجه نحو البيت ، لأن حائط البيت من البيت ، فأما حديث أسامة وصهيب فقد روينا عن غيرهما أنه صلى الله عليه وسلم صلى في البيت والأخذ بالزيادة أولى .
وأما قياسهم على من استقبل الباب فمذهبنا إن كان للباب عتبة واستقبلها جازت صلاته ، وإن لم يكن له عتبة أو كانت فلم يستقبلها فصلاته باطلة ، لأنه لم يستقبل شيئا من البيت في صلاته ، فلو كان الباب مغلقا فصلى إليه جاز ، لأن الباب من أبعاض البيت ، فلو كان أحدهما مغلقا ، والآخر مفتوحا فإن صلى إلى المغلق جاز ، وإن صلى إلى المفتوح لم يجز .


