مسألة : قال  الشافعي      : " ولو  قال لامرأته : يا زانية ، فقالت : زنيت بك   ، وطلبا جميعا ما لهما سألنا ، فإن قالت : عنيت أنه أصابني وهو زوجي أحلفت ولا شيء عليها ويلتعن أو يحد ، وإن قالت : زنيت به قبل أن ينكحني فهي قاذفة له وعليها الحد ولا شيء عليه ؛ لأنها مقرة له بالزنا " .  
قال  الماوردي      : أما قوله لها مبتدئا : يا زانية ، فهو قذف لها صريح لا يرجع فيه إلى إرادته ، وأما قولها له في جواب قذفها له : زنيت بك ، فهو محتمل إذا كان جوابا ، فلم يكن قذفا صريحا إلا أن تريد به القذف ، والذي يحتمله هذا الجواب أحد أربعة أوجه ذكر منها  الشافعي   اثنين ، وأغفل الثالث :  
أحدها : أن تريد إقرارها بالزنا وقذفها له .  
والثاني : أن تريد إقرارها بالزنا ولا تريد قذفه به .  
والثالث : أن تريد قذفه بالزنا ولا تريد إقرارها به .  
والرابع : أن لا تريد قذفه ولا إقرارها به .  
فأما الأول : وهو أن تريد إقرارها بالزنا وقذفه به ، فهو أن تقول : أردت به أنه زنى بي قبل أن يتزوجني ، فكنت زانية به وكان زانيا بي ، فهذا البيان هو أغلظ أحوالهما في حقها وحق الزوج ، فعليها حدان :  
أحدهما : حد الزنا لإقرارها به ، وهو حق الله تعالى لا تراعى فيه المطالبة .  
والثاني : حد القذف للزوج ، لأنها قاذفة له . وهو معتبر بطلبه ، وقد سقط عن الزوج حد القذف بتصديقها له ، وإذا وجب الحدان عليها لم يتداخلا ؛ لأنهما من جنسين مختلفين : الموجب والحكم ، ومنع  أبو حنيفة   من اجتماعهما بناء على أصله في أن لا يجمع في السرقة بين القطع والغرم ، ونحن نجريه على أصلنا في الجمع بين القطع والغرم وإن كان في الجمع بين حد الزنا والقذف نص ، وهو ما روي :  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قائما يخطب فقام إليه رجل من  بني كنانة   فقال : إني أصبت حدا ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : اقعد ، حتى قال ذلك ثلاثا ، فقال له : ماذا فعلت ؟ فقال : زنيت ببنت امرأتي ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  عمر   وعليا   وزيد بن حارثة   أن يقيموا عليه حد الزنا ، ثم أرسل إلى بنت امرأته وسألها فقالت : ما زنيت ، فأمر أن يقام عليه حد القذف  ، فجمع عليه الحدين .  
				
						
						
