مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " وليس للحامل المتوفى عنها نفقة ، قال جابر بن عبد الله : لا نفقة لها حسبها الميراث ( قال الشافعي ) رحمه الله : لأن مالكه قد انقطع بالموت ( قال المزني ) : هذا خلاف قوله في الباب الثاني وهو أصح ، وهو في الباب الثالث مشروح " . قال الماوردي : وهذا كما قال : حاملا كانت أو حائلا . وبه قال كثير من الصحابة ، وجمهور التابعين ، والفقهاء ، وحكي عن لا نفقة للمتوفى عنها زوجها علي عليه السلام وابن عمر أن لها النفقة إذا كانت حاملا لقول الله : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن [ الطلاق : 6 ] وكالمطلقة الحامل واعتبارا بوجوب السكنى . والدليل على أن لا نفقة لها قول النبي صلى الله عليه وسلم : وليس على المتوفى عنها رجعة ، فلم يكن لها نفقة : ولأن وجوب النفقة متجدد مع الأوقات فوجب أن يسقط بالوفاة كنفقات الأقارب ؛ ولأن استحقاقها للنفقة [ ص: 238 ] لا يخلو أن يكون لحملها ، أو لها ، فإن كان لها فهي لا تستحقها لو كانت حائلا فكذلك إذا كانت حاملا ؛ لأنها في مقابلة التمكين المرتفع بالموت ، وإن كانت بحملها فالحمل لو ولد لم يستحق نفقة ، فقبل الولادة أولى أن لا يستحقها : لأنه قد صار وارثا في الحالين ، وقد انقطع ملك الأب في الحالين : ولأن أجرة الرضاع تالية لوجوب النفقة لقوله : إنما النفقة للتي يملك زوجها رجعتها فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن [ الطلاق : 6 ] فلما سقطت أجرة الرضاع بالموت سقطت به النفقة . فأما الاستدلال بالآية فهي خطاب للأزواج ولا يتوجه إلى الميت خطاب فصارت محمولة على الطلاق اعتبارا بأجرة الرضاع ، ولهذا المعنى فرقنا بين عدة الطلاق والوفاة . وأما السكنى ففيه قولان : أحدهما : أنه غير مستحق كالنفقة فاستويا . والقول الثاني : أنه مستحق بخلاف النفقة . والفرق بينهما أن النفقة من حقوق الآدميين : لأنهما لو اتفقا على تركها سقطت ، والسكنى من حقوق الله تعالى : لأنها لو اتفقا على تركه والخروج من مسكنها لم يسقط ، فافترقا في الوجوب لافتراقهما في التغليظ .