مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وقال تعالى : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة [ النساء : 92 ] يعني في قوم في دار حرب خاصة ، ولم يجعل له قودا ولا دية إذا قتله وهو لا يعرفه مسلما ، وذلك أن يغير أو يقتله في سرية أو يلقاه منفردا بهيئة المشركين وفي دارهم أو نحو ذلك " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، ذكر الله تعالى في هذه الآية أحكام القتل في ثلاثة أحكام ، أوجب فيهم ديتين وثلاث كفارات : [ ص: 65 ] أحدها : وهو المقدم فيها فأوجب فيه الدية والكفارة بقوله تعالى : قتل المؤمن في دار الإسلام ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا وقد استوفيناه .
والثاني : ولم يوجب فيه الدية ، بقوله تعالى : قتل المؤمن في دار الحرب ، فأوجب فيه الكفارة فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ، ومعناه : فإن كان من قوم من أعدائكم مؤمن قتلتموه بينهم ، فتحرير رقبة تلزمكم في قتله .
ولا يخلو حال قتله فيهم من أربعة أقسام :
أحدها : أن يعلم قاتله أنه مسلم وتعمد قتله ، فعليه القود .
وقال أبو حنيفة : لا قود عليه : لقول النبي صلى الله عليه وسلم : منعت دار الإسلام ما فيها ، وأباحت دار الشرك ما فيها ، ولأنه مقتول في دار الحرب فلم يستحق فيه قود كأهل الحرب .
ودليلنا : قول النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله حرم من المسلم ماله ودمه ، وأن لا يظن به إلا خيرا ، ولأنه عامد لقتل مسلم محقون الدم فوجب أن يلزمه القود كما لو قتله في دار الإسلام . والجواب عن الخبر والقياس أن دار الشرك لم تبح دمه ، وأباحت دم المشرك .