فصل :
والقسم الثاني : أن لا يعلم قاتله أنه مسلم ، ولا يعمد قتله ولكن يرمي إلى دار الحرب سهما مرسلا فيقع عليه فيقتله ، فهو المراد بالآية ، وفي قتله الكفارة . واختلفوا في وجوب الدية ، فذهب الشافعي : إلى أنه لا تجب فيه الدية .
وقال مالك : تجب فيه الدية .
وقال أبو حنيفة : إن ، وإن لم يسلم فيها ولا هاجر إليها ، لم تجب فيه الدية : لثبوت حرمة الدار على المهاجر ، وعدمها في غير المهاجر . واستدلا في الجملة بقوله تعالى : كان في دار الإسلام أو هاجر إليها ، وجبت فيه الدية ودية مسلمة إلى أهله فكان على عمومه : ولأنه مقتول مسلم فوجب أن يكون مضمونا بالدية كالمقتول في دار الإسلام . ودليلنا : قوله تعالى : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة [ النساء : 92 ] ، فكان الدليل فيها من وجهين :
أحدهما : اقتصاره على الكفارة ، ولو وجبت فيه الدية لذكرها .
والثاني : أنه غاير بين قتله في دار الإسلام ودار الشرك ، ولو تساويا لأطلق ولم يغاير بينهما ، ولأنها دار إباحة لم يعمد فيها قتل مسلم ، فوجب أن لا يضمن بالقتل دية ، كما لو قتل غير مسلم ، ولأن من لم يضمن ديته إذا لم يهاجر لم يضمن ، وإن هاجر ، [ ص: 66 ] كالمشرك . وعموم الآية مخصص بما تعقبها ، وقياسه معارض لقياسنا : ولأن دار الإسلام حاظرة ، ودار المشرك مبيحة .