وأما الأمر الثاني من مراده بها : فالكلام مع أبي حنيفة في ، وهم ضربان : مانعي الزكاة
ضرب : منعوها في عهد أبي بكر .
وضرب : منعوها من بعد .
فأما مانعوها على عهد أبي بكر : فهم من قدمنا ذكرهم بما اشتبه عليهم من تأويل الآية ، فلا يكونوا مرتدين وهم باقون على إسلامهم .
وقال أبو حنيفة : قد ارتدوا بامتناعهم عنها : لاستحلالهم ما نص الله تعالى على خلافه ، كما لو استحلوا الآن منعها . وهذا غير صحيح : لأن الصحابة عارضوا أبا بكر رضي الله عنهم في الأمر بقتالهم لبقائهم على الإسلام ، فوافقهم أبو بكر على إسلامهم ، وبين السبب الموجب لقتالهم ، ولو ارتدوا لما عارضوه ، ولما احتج عليهم بما احتج ، فدل على إجماعهم أنهم باقون على إسلامهم .
ولأن القوم حين تابوا وقدموا على أبي بكر قالوا : والله ما كفرنا بعد إيماننا ولكن شححنا على أموالنا . [ ص: 111 ] وقد بان هذا القول منهم في قول شاعرهم :
ألا أصبحينا قبل ثائرة الفجر لعل منايانا قريب وما ندري أطعنا رسول الله ما كان بيننا
فيا عجبا ما بال ملك أبي بكر فإن الذي سألوكم فمنعتم
لكالتمر أو أحلى إليهم من التمر سنمنعهم ما كان فينا بقية
كرام على العزاء في ساعة العسر