مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " ولا يستعان عليهم بمن يرى قتلهم مدبرين " .  
قال  الماوردي      : أما  الاستعانة بأهل العهد والذمة في قتال أهل البغي   ، فلا يجوز بحال : لقول الله تعالى :  ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا      [ النساء : 141 ] ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم :  الإسلام يعلو ولا يعلى     . ولأنهم غير مؤمنين على نفوسهم وحريمهم : لما يعتقدونه دينا من إباحة دمائهم وأموالهم التي أوجب الله تعالى حظرها وأمر بالمنع منها .  
فأما  الاستعانة عليهم بمن يرى قتالهم من المسلمين مقبلين ومدبرين   ، فقد منع  الشافعي   منه لما يلزم من الكف عنهم إذا انهزموا . فإن قيل : فهلا جاز أن يستعين عليهم بمن يخالف رأيه فيه ، ويعمل على اجتهاد نفسه ، كما يجوز للحاكم أن يستخلف من يحكم باجتهاد نفسه ، وإن خالف اجتهاد مستخلفه ، فيجوز  للشافعي   أن يستخلف حنفيا ، وللحنفي أن يستخلف شافعيا . قيل : الفرق بينهما : أن قتال أهل البغي مدبرين باجتهاد الإمام ، والمعين فيه مأمور ممنوع من الاجتهاد ، والمستخلف على الحكم مفوض إليه النظر ، فساغ له الاجتهاد . فإذا ثبت أنه ممنوع من الاستعانة ، فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :  
أحدهما : أنه منع تحريم وحظر .  
والثاني : أنه منع ندب واستحباب .  
فإن دعته الضرورة إلى الاستعانة بهم : لعجز أهل العدل عن مقاومتهم ، جاز أن يستعين بهم على ثلاثة شروط :  
أحدها : أن لا يجد عونا غيرهم ، فإن وجد لم يجز .  
والثاني : أن يقدر على ردهم إن خالفوا ، فإن لم يقدر على ردهم لم يجز .  
 [ ص: 130 ] والثالث : أن يثق بما شرطه عليهم أن لا يتبعوا مدبرا ولا يجهزوا على جريح ، فإن لم يثق بوفائهم لم يجز .
				
						
						
