مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وركع أبو بكرة وحده وخاف أن تفوته الركعة ، وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمره بالإعادة " .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا ، فالمختار له أن يقف في صفهم ، ويجذب إليه فيقفان جميعا خلفه ، فإن أبى ووقف وحده منفردا فقد أساء وصلاته مجزئة ، وبه قال اصطف الناس خلف إمامهم في الصلاة ، ثم جاء رجل يريد الدخول معهم أبو حنيفة ، وفقهاء الأمصار ، وقال إبراهيم النخعي ، والحسن بن صالح ، وأحمد ، وإسحاق : لا تصح صلاته إذا انفرد تعلقا برواية أبي سالم بن أبي الجعد [ ص: 341 ] عن وابصة بن معبد وبرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فأبصر رجلا صلى خلف الصف ، فأمره بإعادة الصلاة عبد الرحمن بن علي بن شيبان ، عن أبيه لا صلاة لفذ خلف الصف . أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ، فلما انصرف أبصر رجلا يصلي خلف الناس ، فوقف عليه فلما فرغ قال : " أعد صلاتك ، فإنه
والدلالة على صحة ما ذكرناه رواية الحسن ، عن أبي بكرة أنه دخل المسجد وهو يلهث فلما فرغ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذي ركع خلف الصف وحده ؟ فقلت : أنا ، قال : " زادك الله حرصا ، ولا تعد فلو كان انفراده قادحا في صلاته لأمره بالإعادة .
فإن قيل فقد نهاه ، وقال : لا تعد ، قلنا : في معنى نهيه ثلاثة أجوبة :
أحدهما : أنه نهاه عن السعي واللهث ، وذلك ممنوع منه لنهيه صلى الله عليه وسلم ، فإن فعل لم يعد ، ولأن كل من صحت صلاته خلف الصف مع غيره صحت صلاته منفردا كالمرأة خلف الرجال .
فأما حديث عبد الرحمن بن علي فدلالة عليهم ، لأنه وقف عليه حتى فرغ من صلاته ، ولو كانت باطلة لأمره بالإعادة قبل إتمامها ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف فغير كاملة .