مسألة : قال الشافعي : " ولا يقام ، ولا على المريض المدنف ، ولا في يوم حره أو برده مفرط ، ولا في أسباب التلف " . حد الجلد على حبلى
قال الماوردي : إذا كان الحد جلدا أخر مع وجود الأسباب القاتلة ، وهي ضربان :
أحدهما : حبل يختص بالنساء ، ومرض يعم الرجال والنساء .
فأما الحبل : فهو أن تكون المحدودة حبلى حاملا بولد ، فهو مانع من جلدها كما هو مانع من رجمها ، سواء كان حملها من زنا أو حلال : لأن جلد الحامل مفض إلى تلفها ، وتلف حملها ، وكلا الأمرين محظور .
ولأن عليا قال لعمر رضوان الله عليهما وقد أمر بحد زانية حامل : إنه لا سبيل لك على ما في بطنها . فردها وقال : لولا علي لهلك عمر . فإذا وضعت حملها وهي في نفاسها ، فإن أمن من تلفها فيه جلدت ، وإن خيف من تلفها فيه أمهلت .
وروى أبو جميلة ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : علي انطلق فأقم الحد عليها . فأتيتها فوجدتها يسيل دمها لا ينقطع ، فعدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أني وجدت دمها يسيل لا ينقطع ، فقال : دعها حتى ينقطع دمها ، ثم اجلدها ، وأقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم . فجرت جارية لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال لي : يا
وأما المرض فضربان :
أحدهما : ما لا يرجى زواله كالسل والفالج ، فيكون في النضو على ما سيأتي .
والثاني : أن يكون مرجو الزوال كالحمى والصداع ، فيؤخر المحدود فيه حتى يبرأ من مرضه : لأن مفض إلى تلفه . وليس يخلو حده من ثلاثة أحوال . جلده في المرض
إما أن يقام عليه حد الأصحاء ، أو حد المرضى ، أو يؤخر حتى يبرأ ، فلم يجز أن يقام عليه حد الأصحاء : لإفضائه إلى تلفه .
[ ص: 214 ] ولم يجز أن يقام عليه حد المرضى : لأنه لا يمكن أن يقام عليه حد الأصحاء ، فلم يبق إلا أن يؤخر إلى صحته .
وأما الضرب الثاني : وهو المختص بالزمان فهو شأن إفراط الحر وإفراط البرد : لأن الجلد فيهما مفض إلى التلف . الردع والزجر دون التلف . فيؤخر في شدة الحر إلى اعتدال الهواء ، وفي شدة البرد إلى اعتداله ، فإن كان هذا المحدود في بلاد الحر التي لا يسكن حرها ، أو في بلاد البرد التي لا يقل بردها ، لم يؤخر حده ولم ينقل إلى البلاد المعتدلة لما فيه من تأخير الحد ولحوق المشقة . وقوبل إفراط الحر وإفراط البرد بتخفيف الضرب حتى يسلم فيه من القتل ، كما نقوله في المرض الملازم . والمقصود بالجلد