مسألة : قال الشافعي : " ويرجم المحصن في كل ذلك ، إلا أن تكون امرأة حبلى فتترك حتى تضع ويكفل ولدها " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، : لرواية إذا كان الحد رجما لم يجز أن ترجم حامل حتى تضع عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، غامد أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني زنيت فطهرني . فقال : ارجعي . فرجعت ، فلما كان من الغد أتته ، فقالت : لعلك تريد أن تردني كما رددت ماعزا ، فوالله إني لحبلى . فقال لها : ارجعي حتى تلدي . فرجعت ، فلما ولدته أتته بالصبي . فقالت : قد ولدته . فقال : ارجعي فأرضعيه حتى تفطميه [ . . . . ] وفي يده شيء يأكل ، فأمر بالصبي فدفع إلى رجل من المسلمين ، وأمر بها فحفر لها ، ثم أمر بها فرجمت ولأن أن امرأة من عليا قال لعمر رضي الله عنه وقد أمر برجم حامل : " إنه لا سبيل لك على ما في بطنها " فردها ، وقال له معاذ بن جبل مثل ذلك ، فإذا وضعت حملها أمسك عنها حتى ترضع ولدها اللبن الذي لا يستغني عنه في حفظ حياته ، ثم ينظر في مرضع الولد بعد اللبن فإنه : [ ص: 215 ] أحدها : أن يوجد ويتعين ، فيسلم الولد إلى مرضعته وترجم الأم . لا يخلو من ثلاثة أحوال
والثاني : أن لا يوجد لرضاعه غير الأم ، فيؤخر رجمها حتى ترضعه حولين كاملين ثم ترجم : لأننا لما حفظنا حياته حملا ، فأولى أن نحفظها وليدا .
والثالث : أن يعلم وجود المرضع ولكن لم يتعين ، ففي جواز رجمها قبل تعيينه ودفعه إلى المرضع وجهان :
أحدهما : يجوز رجمها : لأن المرضع موجود .
والثاني : لا يجوز حتى يسلم إلى المرضع ثم ترجم .
فأما غير الحامل من النساء والرجال إذا كانوا مرضى ، أو في حر مفرط ، أو برد مفرط ، ففي وفرط الحر والبرد ثلاثة أوجه حكاها تعجيل رجمهم مع بقاء المرض ابن أبي هريرة .
أحدها : وهو الظاهر من مذهب الشافعي ، والمنصوص عليه في هذا الموضع أن يعجل الرجم ولا يؤخر ، لأن المقصود القتل بخلاف المجلود ، وسواء رجم بإقرار أو شهادة .
والوجه الثاني : أنه يؤخر رجمه ، ولا يعجل حتى يبرأ من مرضه ويعتدل الحر والبرد ، سواء رجم بإقرار أو بينة : لأنه قد يجوز أن يرجع عن إقراره ، ويرجع الشهود في الشهادة ، فلا تعجيل في زمان التوجه حتى يمكن استدراك ما يمنع .
والوجه الثالث : أن يؤخر إن رجم بالإقرار ولا يؤخر إن رجم بالشهادة : لأن الظاهر من المقر رجوعه : لأنه مندوب إلى الرجوع ، والظاهر من الشهود أنهم لا يرجعون : لأنهم غير مندوبين إلى الرجوع ، والله أعلم .