مسألة : قال الشافعي ، رحمه الله : " فإن صلى في دار قرب المسجد لم يجزه إلا بأن تتصل الصفوف ولا حائل بينه وبينها ، فأما في علوها فلا يجزئ بحال لأنها بائنة من المسجد ، وروي عن عائشة أن نسوة صلين في حجرتها ، فقالت : لا تصلين بصلاة الإمام ، فإنكن دونه في حجاب " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا لم يجز إلا أن تتصل الصفوف من المسجد إلى الطريق ، ومن الطريق إلى الدهليز ، ومن الدهليز إلى صحن الدار فتكون حينئذ صلاة من في الصحن وصلاة من وراءهم جائزة ، وصلاة من تقدمهم ووقف أمامهم باطلة : لأن من تقدمهم ليس بتابع لهم ، فأما صلاة من في علو الدار وسورها فباطلة بكل حال ، لتعذر اتصال الصفوف ، وإنما جوزنا صلاة من في الدار إذا اتصلت به الصفوف لرواية صلى رجل في دار تجاور المسجد بصلاة الإمام [ ص: 348 ] في المسجد أنس بن مالك أن الناس كانوا يصلون في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الإمام في المسجد .
وروي أن الناس كانوا يصلون في المسجد بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في حجرته ، فلو كانت الدار تلاصق المسجد ليس بينهما إلا سور فصلى بها قوم بصلاة الإمام في المسجد ، والصفوف غير متصلة فعلى مذهبأبي إسحاق صلاتهم جائزة ، لأنه يقول : إن سور المسجد ليس بحائل .
وقال سائر أصحابنا وهو الصحيح : صلاتهم باطلة ، لما روي أن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت للنسوة اللاتي صلين في حجرتها لا تصلين بصلاة الإمام ، فإنكن دونه في حجاب ، ولم يكن بين حجرتها وبين المسجد إلا سوره ، فلو اتصلت الصفوف من سطح المسجد إلى سطح الدار الملاصقة كانت صلاتهم جائزة ، ولا وجه لقول من أبطلها : لأن اتصال الصفوف مع العلم بالصلاة يوجب صحة الائتمام ، كما لو اتصلت الصفوف في أرض المسجد إلى من في الدار .
قال الشافعي : ولو الصفا ، أو جبل المروة ، أو على أبي قبيس بصلاة الإمام في المسجد الحرام جاز : لأن كل ذلك متصل ، وهو في العرف غير منقطع . صلى رجل على جبل