فصل :
فأما ، فمذهب الرجل إذا أكره على الزنا الشافعي لا حد عليه كالمرأة .
وذهب بعض أصحابه إلى وجوب الحد عليه : لأن الوطء لا يكون إلا مع الانتشار الحادث عن الشهوة ، وحدوث الشهوة يكون عن الاختيار دون الإكراه .
وقال أبو حنيفة : إن فلا حد عليه ، وإن أكرهه غير السلطان حد : استدلالا بأن إكراه السلطان فسق يخرج به من الإمامة فيصير الوقت خاليا من إمام كزمان الفترة ، ويصير عنده كدار الحرب التي لا يجب على الزاني فيها حد عنده ، وكلا الأمرين فاسد . أكرهه السلطان على الزنا
والدليل عليهم : قول النبي صلى الله عليه وسلم : والإكراه من أعظم الشبهات : ولأنه إكراه على الزنا فوجب أن يسقط به الحد كإكراه المرأة : ولأن كل ما سقط فيه الحد أو أكرهت عليه المرأة ، سقط فيه الحد إذا أكره عليه الرجل ، كالسرقة وشرب الخمر . ادرءوا الحدود بالشبهات
فأما الجواب عن الاستدلال بحدوث الانتشار عن الشهوة فهو أن الشهوة مركوزة في الطباع لا يمكن دفعها ، وإنما يمكن دفع النفس عن الانقياد لها لدين أو تقية ، فصار الإكراه على الفعل لا على الشهوة ، والحد إنما يجب في الفعل دون الشهوة .
وأما الجواب عن استدلال أبي حنيفة بخلو الدار من الإمام لخروجه بالفسق من الإمامة فمن وجهين :
[ ص: 242 ] أحدهما : أنه قد يكون السلطان المكره غير إمام ، فلا تخلو الدار من إمام ، وأنت تسوي بين الأمرين فلم يصح التعليل .
والثاني : أن ، كما لم يوجب استباحة أسبابها ، وكذلك دار الحرب ، وقد تقدم الكلام فيها . خلو الدار من إمام لا يوجب إسقاط الحدود