مسألة : قال الشافعي : " ولو قتل رجل رجلا ، فقال : وجدته على امرأتي . فقد أقر بالقود وادعى . فإن لم يقم بينة قتل . سعد : يا رسول الله ، أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : نعم . وقال قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته " .
قال الماوردي : أما إذا ، فواجب عليه أن يدفعه عنه ويمنعه منه . وجد الرجل مع امرأته رجلا يزني بها أو مع بنته أو أخته أو مع ابنه يلوط به
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه لعن الركانة وهو الذي لا يغار على أهله .
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله تعالى يغار للمسلم فليغر . [ ص: 458 ] ولأن منعه من الفاحشة حق من حقوق الله تعالى ، وحق نفسه في أهله وحق امرأته إن كانت مكرهة ، فلم يسعه إضاعة هذه الحقوق بالكف والإمساك . فأما إن كان وجده يزني بأجنبية ليست من أهله ، فعليه أن يمنعه منها ويكفه عنها ، فإن كانت مكرهة تفرد المنع به دونها ، وإن كانت مطاوعة توجه المنع إليهما والإنكار عليهما : لما يلزم من صيانة محارم الله تعالى وحفظ حقوقه والكف عن معاصيه .
والفرق بين أن يرى ذلك في أهله وبين أن يراه في غير أهله : أن فرضه في أهله متعين عليه ، وفي غير أهله على الكفاية .
فإذا تقرر ما ذكرنا من وجوب الدفع نظر : فإن لم يكن أولج ، فعلى الزوج أن يدفعه بما قدر عليه ، ولا يجوز أن ينتهي إلى القتل ، إلا أن لا يقدر على دفعه بغير القتل ، كما قلنا في دفعه عن طلب النفس والمال ، وينظر فإن لم يكن قد وقع عليها ففي الدفع أناة ، وإن وقع عليها تعجل الدفع وتغلظ ، وإن كان قد أولج جاز أن يبدأ في دفعه بالقتل ، ولا يترتب على ما قدمناه : لأنه في كل لحظة تمر عليه مواقعا له بالزنا لا يستدرك بالأناة ، فجاز لأجلها أن يعجل القتل . حال الرجل الزاني
روي أن رجلا قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام : إنني وجدت مع امرأتي رجلا فلم أقتله . فقال علي : أما إنه لو كان أبا عبد الله لقتلته . يعني الزبير بن العوام ، فدل ذلك من قوله على وجوب قتله ، وفي هذا القتل وجهان محتملان :
أحدهما : أنه قتل دفع ، فعلى هذا يختص بالرجل دون المرأة ، ويستوي فيه البكر والثيب .
والوجه الثاني : أنه قتل حد ، يجوز أن ينفرد به دون السلطان : لأمرين :
أحدهما : لتفرده بالمشاهدة التي لا تتعداه .
والثاني : لاختصاصه فيه بحق نفسه في إفساد فراشه عليه في الزنا بزوجته .
فعلى هذا : يجوز فيه بين الرجل والمرأة إن كانت مطاوعة ، إلا أن المرأة يفرق فيها بين البكر والثيب ، فتقتل إن كانت ثيبا ، وتجلد إن كانت بكرا .
وأما الرجل ففيه وجهان :
أحدهما : أنه يفرق فيه بين البكر والثيب : لأنه حد زنا كالمرأة .
والوجه الثاني : وهو أظهر أنه لا يفرق فيه بين البكر والثيب ، ويقتل في الحالين : لأمرين :
أحدهما : أن قتله حدا أغلظ من قتله دفعا ، ويجوز لتغليظ حاله أن يقتل دفعا ، فجاز أن يقتل حدا . [ ص: 459 ] والثاني : أن السنة لم تفرق في إباحته بين البكر والثيب لتغليظ حكمه في حق المستوفي .