فإذا ثبت ما وصفنا ، وجب على القاتل إقامة البينة على ما ادعاه من وجوده على امرأته ، فإن أقامها برئ ، وإن لم يقمها أحلف الولي وأقيد من القاتل : لأنه مقر بالقتل ومدع سقوط القود . وادعى القاتل أنه قتله لأنه وجده على امرأته ، وأنكر وليه ذلك ، وادعى قتله لغير سبب
وروي أن سعد بن عبادة قال : يعني شاهدا عليك ، ومعنى هذا السؤال أنه سأل عن سقوط القود . يا رسول الله ، إن وجدت مع امرأتي رجلا أقتله أو لا ، حتى آتي بأربعة شهداء ؟ قال : لا حتى تأتي بأربعة شهداء ، كفى بالسيف شاهدا
وروى سعيد بن المسيب أن رجلا من أهل الشام يقال له ابن خيري ، وجد مع امرأته رجلا فقتله وقتلها ، فرفع إلى معاوية فأشكل عليه ، فكتب إلى أبي موسى الأشعري ليسأل علي بن أبي طالب عليه السلام عن ذلك ، فسأله فقال علي : ليس هذا بأرضنا ، عزمت عليك لتخبرني . فأخبره ، فقال علي : يرضون بحكمنا وينقمون علينا ، إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته . وفيه تأويلان :
أحدهما : معناه فليضرب على رمته قودا .
والثاني : معناه فلتبذل رمته للقود استسلاما .
فإن قيل : فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يكلف في مثل هذا البينة ، وأهدر الدم بشاهد الحال ، فيما روي أن رجلا خرج في الجهاد وخلف زوجته وأخاه ، وكان له جار يهودي ، فمر الأخ بباب أخيه ذات ليلة فسمع منها كلام اليهودي وهو ينشد :
وأشعث غره الإسلام مني خلوت بعرسه ليل التمام أبيت على ترائبها ويمسي
على جرداء لاحقة الخزام كأن مواضع الربلات
منها فئام ينهضون إلى فئام
أحدهما : أن اشتهار الحال بالاستفاضة أغنى عن البينة الخاصة .
والثاني : أن إقامة البينة موقوف على طلب الولي ، فإذا لم يطلب سقط لزومها . [ ص: 460 ]