مسألة : قال الشافعي : " وأقل ما على حسن النظر للمسلمين حتى لا يكون الجهاد معطلا في عام إلا من عذر " . على الإمام أن لا يأتي عام إلا وله فيه غزو بنفسه أو بسراياه
[ ص: 140 ] قال الماوردي : وهذا صحيح ، أن على الإمام بعد تحصين الثغور ، بما قدمناه شيئين :
أحدهما : مراعاة كل ثغر في مقاومة من بإزائهم من الأعداء ، فإنهم لا يخلون من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكونوا أكفاءهم في المقاومة والمطاولة ، فيقرهم على حالهم فلا يمدهم ولا يستمدهم .
والحال الثانية : أن يكونوا أقل من أكفاء عدوهم ، فليس له أن يستمدهم ، وعليه أن يمدهم بمن يصيروا معه أكفاء أعدائهم ، إن طلبهم العدو امتنعوا منه ، وإن طلبوا العدو قدروا عليه ، وهذا هو الحد المقصود في تدبيرهم .
والحال الثالثة : أن يكونوا أكثر من أكفاء عدوهم ، فليس عليه أن يمدهم وله أن يستمدهم إذا احتاج ، ولهم حالتان :
إحداهما : أن لا يحتملهم الثغر لكثرتهم ، فعليه أن ينقلهم إلى غيره .
والحال الثانية : أن يحتملهم الثغر فيقرهم فيه عدة لحاجته إليهم ، ويفعل ذلك في كل عام : لأن أمور الثغور قد تنتقل من قوة إلى ضعف ، ومن ضعف إلى قوة : ليكونوا أبدا قادرين على الامتناع والطلب .